الأربعاء، 6 يوليو 2016

إلى متى استباحة جناب الشريعة في إعلامنا ؟

نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 1شوال 1437 مقالا بقلم أحد الإعلاميين غير الأسوياء –عبر تاريخ غير نظيف-

 فقد اعتدى على مقام كبار العلماء الذي أمر ولي الأمر أمرا صريحا بأن يكونوا هم وحدهم لا غيرهم من يفتي للأمة على المستوى العام

فقام هذا الإعلامي بالإفتاء !! وعلى المستوى العام لمئات الألوف من القراء

و لم يقتصر على ذلك بأن يعتدي على حق العلماء ويخالفهم على رؤوس الأشهاد

ولكن زاد بتبكيتهم وتشويههم وإساءة الأدب

فالفتوى في البلاد أن وقت زكاة الفطر قبل صلاة العيد ، وأنها تخرج من قوت البلد

لكن هذا الإعلامي الفاسد أفتى بخلاف ذلك ، ثم ثنّى بالهجوم على الفتوى المعتمدة وراح يكتب أسوأ الألفاظ

ويهاجم ما أسماه الخطاب الديني ، وهو المعتمد في البلد وتقوم عليه وزارة الشؤون الإسلامية مستضيئة بذلك بفتوى ورثة العلماء .

و زاد الكاتب من هجومه مطالبا بما يسميه "التعددية حتى في مسائل العقيدة"

و كرر مرات لامزاً أهل العلم بأنهم أهل "الأحادية" و "الانغلاق" و "التشدد" !!!

مع أن علماءنا في مقام التدارس و حلق العلم و الدراسة الأكاديمية المتخصصة بحمد الله يتدارسون المسائل من جوانبها

 فالله المستعان .

أدعو لتدارك أمر جناب الدين والفتوى وأهل العلم ، لئلا ينتج لنا آلاف المبطلين التي يرتضعون من هؤلاء الكتاب ممن لا يحفظ للشريعة جنابها العظيم .

 

 نص المقال : 
خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان: نموذج للأُحادية..! / يوسف أبا الخيل
من أعظم الأدواء التي تحيط بالخطاب الديني، احتجابه خلف ستار الأحَادِيّة، فقهياً وعقدياً. وهذا الخطاب الموسوم بالأُحادية الحدية لا يتجلى ويتعاظم إلا على حساب أنداده وأشباهه ونظائره التي تُخفى، وتوصد خلفها الأبواب
الخطاب الأُحادي يقدم الرأي أو الحكم الفقهي أو العقدي الذي يتبناه على أنه الحكم الوحيد الذي لا نظير له ولا شبيه، وبأنه الحق، بألف ولام العهد.إن التشدد والانغلاق والضيق بالمخالف والتبرم منه لم يكن يوماً ما إلا ثمرة مباشرة للأُحادية في الفكر، وما ينبني عليه، وفق ضرورة منطقية، من الاحتساب على الأفكار والأفئدة.. حقاً، إن التشدد والانغلاق والضيق بالمخالف والتبرم منه لم يكن يوماً ما إلا ثمرة مباشرة للأُحادية في الفكر، وما ينبني عليه، وفق ضرورة منطقية، من الاحتساب على الأفكار والأفئدة.تبدو الأحادية وكأنها لازمة لتقديم المقولات والأحكام وتفسيرات النصوص بوجه واحد، ومن زاوية نظر واحدة، على الرغم من أن تلك المقولات والشروحات والتفاسير لا تفتأ تتجاور مع أشباهها ونظائرها في مظانها التراثية، ليس في الدين الواحد والمذهب الواحد فحسب، بل في الاتجاه المذهبي نفسه.التسامح بين أفراد المجتمع، وبينهم وبين الأغيار أياً كانوا، ينبني، في الأمور العقدية والفقهية، وفي كل مسائل الاجتماع البشري، على طرح المسائل والعمل بها وتمثلها من منظور تعددي لا أحادي، منظور يرى أن اعتقاده أو شِرْعته، أو الحكم الذي يفيء إليه ويتمثله إنما يمثل جانباً واحداً من جوانب حقيقة قضى الله تعالى منذ الأزل أن أحداً من خلقه لن يكون في مقدوره تمثلها كلها، وأن كل ما يمتلكه منها، إن كان ثمة، هو جزء بسيط منها، وبالأخص ما يمد بسبب إلى أمور ومسائل الاجتماع البشري، أو العمران البشري، بلغة ابن خلدون.كنت صليت الجمعة الفائتة في الجامع الذي اعتدت الصلاة فيه، ولما كانت الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، فقد حرص الخطيب على إيضاح أحكام زكاة الفطر وصلاة العيد. فكان مما قاله، مما اعتاد الناس على سماعه، سواء في خطب آخر جمعة من رمضان، أو في خطب العيد، أنه لا يجوز تأخير إخراج زكاة الفطر عن صلاة العيد، وأن من أخرها عن صلاة العيد فهي صدقة من الصدقات، بمعنى أنه فوّتها، ومن ثم لم يعد أمامه متسع من الوقت لقضائها!والصحيح أن هذا الذي فاه به الخطيب ليس إلا مجرد قول من عدة أقوال في المسألة. بل إنه يكاد يكون أضعفها إذا عُرِض على الأدلة الشرعية.إن الخلاف مشهور بين الفقهاء في حكم تأخير إخراج زكاة الفطر إلى ما بعد صلاة العيد. فالشافعية،مثلاً، يرون أن آخر وقت لإخراج زكاة الفطر هو غروب شمس يوم العيد. ومثلهم جل الحنابلة، إذ يرون أن وقت إخراج زكاة الفطر يمتد إلى غروب شمس العيد، فإن أخرها عن يوم العيد أثم لتأخيره أداء الواجب عن وقته، وعليه القضاء، ويستدلون بحديث:"أغنوهم عن السؤال هذا اليوم".أما المالكية فيجوزون إخراجها بعد صلاة العيد، ويرون أنه يأثم إن أخرها عن يوم العيد مع القدرة على إخراجها. كما يرون أنها لا تسقط بمضي زمنها، بل هي باقية في الذمة حتى يخرجها. ولقد ختم الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله مبحث الخلاف حول وقت زكاة الفطر بقوله في كتابه (الفقه الإسلامي وأدلته، 3/2046):" ذهب أكثرية الفقهاء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر، فمن أخرها عن الصلاة ترك الأفضل، لأن المقصود منها الإغناء عن الطواف والطلب في هذا اليوم".ثم حذر الخطيب أيما تحذير من إخراج زكاة الفطر نقداً، وأكد أن ذلك مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من يخرجها نقداً فهو لم يخرجها، ولا تبرأ ذمته. والصحيح أيضاً أن هذا قول من الأقوال ليس إلا. صحيح أن الجمهور يرون إخراجها قوتاً، لكن السادة الأحناف يرون جواز إخراجها نقداً، لأن الواجب إغناء الفقير عن السؤال، لقوله صلى الله عليه وسلم" أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم". بل يمكن القول إن إعمال مضمون هذا الحديث يقتضي تفضيل إخراجها نقداً على إخراجها قوتاً. وهذا ما يراه السادة الأحناف تحديداً، إذ يرون، كما نقل عنهم الدكتور: وهبة الزحيلي رحمه الله بقوله:" يرون أن الإغناء يحصل بالقيمة، بل إنه أتم وأوفر وأيسر، لأن القيمة أقرب إلى دفع الحاجة، إذ يتبين أن النص معلل بالحاجة".ثم عرج الخطيب على صلاة العيد التي حذر من التهاون في أدائها، بوصفها، كما قال(فرض عين)لا تسقط بأي حال من الأحوال. والصحيح أن حكمها يتردد بين كونه سنة أو فرض كفاية أو واجبة. أما كونها واجبة فهو أضعف الأقوال، إذ لم يقل به إلا السادة الأحناف مستدلين بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، فيما تخالفهم المذاهب الثلاثة في ذلك. فالحنابلة يرون أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين. وأما الشافعية والمالكية فيرون أنها سنة مؤكدة، ودليلهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي السائل عن الصلوات:" خمس صلوات كتبهن الله على عباده، قال: هل عليّ غيرها؟ قال:لا، إلا أن تطوع".وإذ يظهر، كما استعرضنا آنفاً، أن الأقوال التي ذكرها الخطيب، ليست الوحيدة في بابها فحسب، بل إن بعضها، كقوله بفرض صلاة العيد عيناً، ضعيفا لا يرقى إلى مرتبة الأقوال الأخرى، فلقد كان المؤمل منه أن يتفسح للأقوال الأخرى، فلا يضيق على المسلمين واسعاً، إلا أنه على أية حال ابن للخطاب الأحادي الذي يرى أن التوسعة على الناس، وتتبع الرخص في مظانها قد يفضي بالناس إلى التساهل في الدين وتمييعه. ولهم في ذلك سلف يقول:"من تتبع رخص العلماء فقد تزندق"، أو:"من تتبع الرخص رق دينه".ولئن قال قائل: هذه مسائل فقهية لا ضير من الأخذ بالجانب الأشد منها، فالجواب أن عدم التفسح للأقوال الفقهية المخالفة، مجرد مظهر من مظاهر أحادية الخطاب الديني، ولقد أحببت التعرض لها كدليل على أحادية ذلك الخطاب.هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هذه الأُحادية التي تنحو عادة إلى أشد وأعنت ما في المسألة المعروضة من أقوال وأحكام، لا تقتصر على مسائل الفقه، إذ هي مظهر لخطاب عام يشمل المسائل العقدية والاقتصادية والسياسية وشؤون العلاقة مع الغير، على أي صفة تكون عليها هذه الغيرية. ولن يحل التسامح، وتنقشع غيمة التطرف، قولاً وعملاً، إلا بالتفسح للتعددية، سواء على مستوى الفقه، أو على مستوى العقيدة، لا سيما وأن العقيدة إذا ذكرت في هذا المقام فهي تعني فروع العقائد التي استحدثها الفقهاء على خلفية اهتماماتهم السياسية والاجتماعية، ولا تقارب بأي حال من الأحوال أصول العقائد المتفق عليها بين كافة المسلمين.ولعل من المناسب أن أختم هذا المقال بتوجيه الدعوة إلى أحبتنا خطباء الجوامع لأقول لهم: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا، لا تقنطوا الناس ولا تيئسوهم ولا تُبَخّسُوهم، فقد خرجوا من شهر صاموا فيه وقاموا إيماناً واحتساباً. ادعوا إلى الفرح في أيام العيد، وانشروا الابتسامة والثقة بالله والرضا به، وتجنبوا رحمكم الله ذكر عبارات كانت تزهدنا في فرحة ونحن صغار نصلي العيد ونزهو بثيابه، فيصر الخطيب على أن ينزع الضحكة من شفاهنا، والفرحة من قلوبنا، بترديد عبارات من قبيل"ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعته تزيد. وليس العيد لمن تجمّل باللباس والمركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب. وليس العيد لمن حاز الدرهم والدينار، إنما العيد لمن أطاع العزيز الغفار. وليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن أطاع رب العبيد، وخاف يوم الوعيد، وليس العيد لمن لبس الثياب الفاخرة، إنما العيد لمن عمل وخاف الآخرة". ذلك أن المناسبة مناسبة فرح وسرور، وليس مقام تخويف وزجر.

التسميات: ,