الخميس، 21 أبريل 2016

من منابرنا الصحفية يهاجمون الدعوة السلفية التي قامت عليها البلاد


بسم الله الرحمن الرحيم
يوجد اليوم مناكفة ومضادة لأئمة الهدى ومصابيح الدجى ، وهذه المناكفة والمضادة على صحفنا السيارة !!!
نشرت صحيفة الجزيرة بتاريخ 13 رجب 1437 مقالا بعنوان ( بدون فلسفة ولا فنون لا حضارة ولا مدنية ) للكاتب جاسر الحربش
هذه الصحيفة وهذا الكاتب يُعَرّض بالمدرسة السلفية التي جددها الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولا زلنا نستضئ منها
يقول عن المدرسة السلفية :
( تصر على إنكار ما أصبح متحققاً وثابتاً بالحقائق المبرهنة بالتطبيق العملي، متحججة بعدم تطابقها مع فهمها الخاص المتوارث للنصوص )
ويقول : إنها تكرس التجهيل والبلبلة في العقول والمناهج الدراسية العلمية وتعطل الإنجازات الفكرية .
ويقول : إنها تحارب وتبَدّع الفنون الجمالية بمختلف أنواعها و تنفيه من الحياة العامة؟
ويقول : إنها ترسخ القابلية للاستعباد والاستعمار والتبعية !!!
وقام الكاتب بالإشادة والمطالبة بالفلسفة والمنطق !! مناكفا بذلك علماءنا وأئمتنا .
 انتقد الكاتب أبا حامد الغزالي لبيانه انحراف الفلسفة ، و أشاد بابن رشد الفيلسوف .
  .. بالله كيف يسمح بهذا الضلال ؟ وأمام عامة المسلمين ، هذا والله مؤشر ينبئ بخطر عظيم حيث الجرأة على الشريعة والأئمة والدعوة السلفية ، هذه الدعوة التى تُرمَى عن قوس واحدة من كل حدب وصوب ، ومع ذلك فيقوم من بني جلدتنا وعلى منابرنا و على الملأ من يضلل دون محاسبة ولا خوف مساءلة . والله المستعان ، وبالمناسبة فهذه الكلام وغيره كثير هو توطئة وتمهيد وزرع لعقول تكثر وتنتشر بيننا متنكرة لمبادئنا وضاربة عرض الحائط بفهم سلفنا و المبادئ التي قامت عليه دولتنا ، فالله المستعان .


نص المقال :
ما هي الحضارة والمدنية؟ هي أن يكون لك حضور قوي مادي وروحي بين الأمم لتخشاك وتحترمك. ما الذي يبقى للعقل المبدع من ذاته الناقد لذاته المفكر فيما حوله، إذا منع من البحث العميق عن جوهر الأشياء واختبار صدق المسلمات (الفلسفة)، ومنع من التعبير المنغم عن مكامن الروح (الفنون)؟. لايبقى سوى الانسياق في السياق والبقاء في نفس الزمان والمكان والاستسلام للكوارث الطبيعية دون مقاومة ولغلبة عقول الأمم الأخرى.

لأسباب لا علاقة لها بما يحلله ويحرمه الإسلام بنص قاطع وصريح حصل قبل ألف سنة تكفير وزندقة المنطق البرهاني والفلسفة وعلوم الطبيعة وخصائص المواد الكيميائية وتسفيه من يشتغل بها. كان ذلك في القرن الخامس الهجري، وقبل ذلك لم تكن تلك العلوم والاشتغال عليها من المحرمات المبدعات المفسقات.كان أشهر من سفه الفلسفة والاشتغال بالرياضيات وعلوم الطبيعة وخصائص المواد الفقيه الشافعي أبو حامد الغزالي، وكان ابن رشد أشهر من اشتغل بالفلسفة والطب والفلك ونقل الفلسفة من مفهوم علم الكلام، (التلاعب بالكلام لدحض الرأي المخالف) إلى مفهوم استنطاق الفكر البرهاني لزيادة المعرفة والبحث عن الحقائق بعرض المسلمات للتمحيص، وكلاهما عاش في نفس الفترة التاريخية. ابن رشد كان يعتبر الحكمة (الفلسفة) من دعائم الإيمان والغزالي اعتبرها من مقوضاته.

الفقيه أبو حامد الغزالي طبع الشرق والعالم الإسلامي بمرئياته في تعريف العلوم النافعة والضارة وحدود التفكير المسموح والمكروه والمحرم، والطبيب ابن رشد طبع الغرب الغارق آنذاك في الظلام ثم استيقظ بمرئياته في وجوب الاتصال بين الشريعة والحكمة والعقل (الفكر الفلسفي العلمي) مقرراً أن الشريعة والحكمة مكملان لبعضهما لا متعارضان. أبو حامد الغزالي حظي بالقبول السياسي والديني في حيزه الجغرافي، أما ابن رشد فقتلته السلطة السياسية بتحريض من المؤسسة الدينية وأحرقت جميع مؤلفاته. نتائج اصطفاء فكرالأول وتحريم فكر الثاني هو ما نراه ونعيشه من فوارق القوة والمنعة وليس ما نسمعه ونصدقه.

من عجائب البصائر والمصائر أن ذلك الجزء من العالم الذي انطبع بالغزالية ما زال متشبثاً بها وبما ينتج عنها من نقص في المعرفة والمناعة والحقوق، رغم أنه يعتمد بما يشبه الكلية في إنتاج طعامه وشرابه ولباسه وطبه ومواصلاته ووسائل دفاعه عن النفس على ما ينتجه ذلك الجزء من العالم الذي انطبع بالرشدية، ولله في خلقه شؤون. المسكوت عنه في العالم الذي اختار الغزالية أو اختيرت له هو أن مرئيات أبي حامد الغزالي في ماهيات العلوم والمعارف والعبادات المستحبة والمفضلة تكرس الرضى والانصياع، بدون الحاجة إلى مجهود فكري علمي لتخفيف الواقع المزعج أو صده. من هذا الرضى والقبول لتعطيل الفكر النقدي القادر على التعديل والتبديل ترسخت القابلية للاستعباد والاستعمار والتبعية المادية لمخرجات العقول الرشدية.

بعد كل هذه السنين، وهي قرابة ألف عام أصبح لا مناص للمسلمين من طرح تساؤلات تبحث عن أجوبة مقنعة:

أولاً: هل يوجد نص إسلامي قطعي بكفاية الاجتهاد في العلوم الشرعية والبناء عليها بما يكفي لتبرير اعتمادها كمرجعية دفاعية مادية وعقدية، بما في ذلك الدفاع عن أوضاع المسلمين المعيشية والعسكرية وحمايتهم من تعديات بعضهم على بعض وتعديات الآخرين عليهم؟.

ثانياً: عندما تصر أي مدرسة فقهية على إنكار ما أصبح متحققاً وثابتاً بالحقائق المبرهنة بالتطبيق العملي، متحججة بعدم تطابقها مع فهمها الخاص المتوارث للنصوص، لماذا عندئذ يستمر قبول فهمها ويقدم رأيها على الحقائق المثبتة بالعلم المعياري القياسي والتطبيقي؟. لماذا يستمر الصمت على ما تكرسه من تجهيل وبلبلة في العقول والمناهج الدراسية العلمية وتعطيل للإنجازات الفكرية؟.

ثالثاً: إلى متى يستمر إنكار الارتباط بين القابلية للبرمجة على العنف والإقصاء والجفاف العاطفي وبين محاربة وتبديع الفنون الجمالية بمختلف أنواعها ونفيها من الحياة العامة؟.

رابعاً وأخيرا: متى ندرك بأن الاستغناء عن الفلسفة والفنون يعني الجفاف الحضاري والمدني والتقزم المادي والمعنوي أمام الأمم الأخرى؟.


التسميات: ,