الثلاثاء، 3 مايو 2016

امتداح الحضارة الغربية وتشويه تدين الشعب بما عبر عنه بـ(الصحوة)

نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 26 جمادى الآخرة 1437 مقالا بعنوان ( التجديد لا يزعزع المسلمات لكنه يزعزع الجهل )

فيه ما يلي :

أولًا: يمتدح الحضارة الغربية

·      فيقول : هي من تملك الحياة للشعوب .

·      ويقول : لماذا نجعلها عدوا .

·      ويقول : من الخطأ نقد الحضارة الغربية .

·      ويقول : لا تصدقوا أن الحضارة الغربية فيها قطعان هائمة وجهتها اللذة .

·      ثم يقول الكاتب : لا بد من مشروعات لتجديد الخطاب الديني بعيدا عن الانتماء المحدد لفكرة بعينها !!! – و لا ندري ما هو الانتماء والفكرة التي لا يريدها - ,

·      وبعد ففي المقال ردد كثيرا مصطلح " الإسلام السياسي " ، وهو مصطلح يراد به أشياء أولا : الإرجاف من أهل الخير وأنهم خطر على السلطات ، ثانيا : الإيعاز بأن السياسة ليست من شأن الإسلام . وهذا معتقد منحرف .

ثانيًا الحرب على الصحوة : ( وكلها كذب وافتراء )

·      يقول : لم نجد من وعود الصحوة إلا الإرهاب .

·      ويقول : أتباع الصحوة لم نسجل لهم يوما استخداما للعقل !!

·      ويقول : الصحوة لا يمدحون منتجات الحضارة الغربية !!!

·      ويقول :الصحوة يريدون فرض الجهل .

·      وفي مواضع ربط بين الصحوة والقاعدة و داعش !!

·      ويقول عن الدعاة : لا ينجحون إلا في المجتمعات الإتكالية ويخلقون الروح السلبية وينتج الإرهاب !!!

·      ويقول – والسياق عن الدعاة - : يسطيرون على الفكر بفرضية أنهم أفضل علما في تفسير الحياة وطبيعتها .

 

وبعد فهكذا تشتد الحرب على الصحوة و هي تدين المجتمع السني ، أما الروافض فليس ينالهم ولا ربع ولا معشار ما ينال من ينتمي للسنة من التشويه .

مع أن ضلال الروافض وخطرهم من خلال أدبياتهم ومرجعياتهم يمكن أن يسود فيها صفحات كثيرة ، لكن هذا لا يحصل .


نص المقال :
أربعة عقود تقريباً منذ بدأ المجتمع العربي يشهد ذلك التغير المحلوظ في السلوك الإسلامي على المستويين المحلي والدولي، هذا التغير رفع مستوى التعاطي مع الإسلام السياسي عالمياً ومحلياً من درجة المسار التاريخي التراثي، إلى درجة التطبيق التاريخي حيث برز الإخوان المسلمون والقاعدة ثم داعش وكان العامل المشترك بين هذه المنظمات الثلاث قضية الخلافة وتطبيقاتها، وكدليل على ذلك فقد سرب الإعلام العربي بعد ثورة مصر وفوز جماعة الإخوان الموقت مخططاً يطمح إلى تسمية رئيس مصر خليفة المسملين. فهل ما كان يمارس في بلاد المسلمين من إسلام قبل بروز الإسلام السياسي كان إسلاماً أم ماذا..؟.
لقد وعدت هذه الحركات المسملين بأنهم سيكونون على "قمة المجد الدولي" إذا ما اجتروا التاريخ بتلك الطريقة واستجابة لذلك غيّر المسلم والمسلمة سلوكهم وظهرت الصحوة في العالم الإسلامي، وها قد مضى أربعة عقود من التعبئة في هذا الجانب: فماذا وجد المسملون في وعود الإسلام السياسي ووعود الصحوة غير تطاول العنف والإرهاب وتشويه لسمعه المسلمين وديانتهم..؟.
لقد أصبحت المجتمعات الإسلامية ومع كل أسف تعتقد أن الأجداد ارتكبوا خطأ تاريخياً كبيراً عندما لم يكونوا مثلهم في زمن الصحوة، فقد تجاوز النقد للرموز الإسلامية التاريخية حدوده، وبدا وكأن الإسلام يبعث من جديد على يد الصحوة والإسلام السياسي الذي غيّر وجه الأمة وكرس دعاة الإسلام السياسي مفاهيم عميقة جعلت من فكرة يتم تعزيزها مجتمعيا الا وهي "ضعف الوازع الديني" سبباً لتخلف تلك الشعوب المسلمة منذ أربعة عشر قرناً.
قبل أيام طرحت سؤالاً عبر حسابي في تويتر يقول"كثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تصيب الأفراد في المجتمعات الإسلامية تعزى أسبابها غالبا إلى..؟ ووضعت عدة خيارات، فكانت الإجابة وبنسبة 44% بالمئة منها تشير إلى أن الأفراد ينسبون مشكلاتهم تلك إلى ضعف الوازع الديني، ومع أن الصحوة مضى عليها ما يقارب أربعة عقود إلا أن الوازع الديني لازال ضعيفاً فما هو الهددف من جعل هذا المصطلح "ضعف الوازع الديني" متغيراً ثابتاً في مسار الصحوة، وهذه الإجابة في نظري مضللة فكيف يضعف وازع ديني في مجتمعات انتشرت فيها الصحوة والإسلام السياسي.
يقول أحد المفكرين إن الدعاة ينجحون كثيراً في المجتمعات الاتكالية حيث يعتمد الأفراد على آخرين في تحقيق آمالهم، فالكثير ممن استخدموا فكرة تهدد المجتمعات باتهامهم بأن دينهم يعاني من ضعف، هم الذين خلقوا تلك الروح السلبية تجاه الحياة، لذلك وجد الإرهاب متسعاً من الوقت ليعزز فكرة "أن الروح الدينية سلبية تجاه الحياة" وهذا عكس ما أراده الإسلام، فالإسلام لا يريد مسلماً فاقداً للحيوية وفاقداً للإبداع لأنه ينتظر توجيهاً أو قيادة من أحد آخر ممن يسطرون على فكرة عبر فرضية انهم أفضل منه علماً في تفاسير الحياة وطبيعتها.
لم نسجل يوماً من الأيام أن امتدح الإسلام السياسي أو أتباع الصحوة أو أي من دعاتهم مدحاً للعقل واستخدامه، فلماذا لم يثر ذلك سؤالاً في عقولنا..! لماذا لا نمتدح منتجات الحضارة الغربية مع أننا نستخدم تلك المنتجات بنهم كبير، بل لا نستطيع العيش دون منتجات تلك الحضارات من حولنا..؟، لقد بدا أن المجتمعات الإسلامية والعربية خصوصاً متناقضة مع ذاتها فكيف يمكن لمنتج الحضارة وتقنياتها أن يكون هو العدو وفي ذات الوقت هو من يملك الحياة لتلك الشعوب، بمعنى دقيق يستحيل للعالم كله العيش دون منتجات الفكر والتحضر العالمي الموجود في الحضارة الغربية.
عندما ذهب سيد قطب إلى أميركا في العام 1948م ذهب ليتعلم من تلك الحضارة ومع ذلك لم يشغل ذاته بتلك العلوم المتدفقة في تلك الحضارة، بل انحسر في نقد تلك الحضارة فكانت صدمة سيد قطب في أميركا صدمة "غرائزية" أكثر من أي شيء آخر حيث وضع الدين محامياً له كي ينجوَ بنفسه من تلك الأزمة النفسية التي وقع بها فلم ينظر إلى تلك الحضارة بشكل إيجابي بل نظر إليها من خلال واقع يخصه هو، فقد ذكر مؤلف كتاب "البروج المشيدة " صفحة (27) إن وجهة نظر سيد قطب حول الشعب الأمىركي "انهم لا يختلفون كثيراً البهائم فيصفهم بأنهم "القطيع الهائج الهائم، لا يعرف له وجهة غير اللذة والمال" انتهى كلامه.
هل يعقل أن تكون إحدى أهم دول العالم صناعياً واقتصادياً هكذا كما يصفها سيد قطب والأزمة الأكبر أن هناك من يعتقد ويصدق أن هذه حقيقة، بينما يستخدم منتجات هذه الحضارة بكل تفاصيلها، اليوم ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ولازال هناك من يعتقد أن سيد قطب كان صادقاً وليس سيد قطب وحده وإنما كل أولئك الذين يعتقدون أن استخدام العقل نوع من التشكيك في الخطاب الديني.
إن الأزمة الأيديولوجية التي نعاني منها اليوم في عالمنا العربي سببها الكبير هو محاربة فكرة التجديد لأنها من وجهة نظر الكثيرين ممن تأثروا بآراء سيد قطب وغيرة سوف تزعزع المسلمات بينما الحقيقة أن التجديد سوف يزعزع الجهل الذي يريدون فرضه على تلك المجتمعات وتلك العقول التي تصدقهم كما تفعل داعش وتفعل القاعدة وكما فعلت الصحوة ورموزها وجماعات الإسلام السياسي من قبل.
هذا الارتباط السلبي الذي صنع في العالم اليوم بين الإسلام وبين الإرهاب وبين المسملين وبين العنف، كله بسبب تلك الأفكار التي جعلت من فكرة التجديد فكرة خطيرة تهدد الخطاب الإسلامي بينما هم في ذات الوقت يروون لنا اجتهادات أعظم الصحابة رضوان الله عليهم في التجديد كما فعل أبو بكر وفعل عمر في الإطار السياسي والاجتماعي والثقافي لمجتمع المدينة في صدر الإسلام.
إن زعزة الجهل في العالم العربي والإسلامي عملية مهمة ولابد من حدوثها ولو بعد حين، ولكن هناك خيارات خطيرة أمامنا اليوم فإن تركت عملية زعزة الجهل تحدث بنفسها دون رعاية فسوف تحدث بعيداً عن الرؤية المجتمعية والسياسية والثقافية وسوف يفاجئنا جيل من الشباب ينسف كل ما كنا نعتقد بقدسيته من خطابنا، وهناك لن نستطيع أن نتحرك، ولكي لا يحدث ذلك فلا بد من تحرك المجتمع والمؤسسات السياسية والثقافية لطرح مشروعات تجديد للخطاب الديني بعيداً عن الانتماء المحدد لفكرة بعينها، فالإسلام خلال القرن الحادي والعشرين من وجهة نظري وعطفاً على تلك الرؤي التي يطرحها الشباب المسلم اليوم سوف يواجه صراعاً داخلياً بين أتباعه قد يتطور لتدفع ثمنه الشعوب بأكملها ويدفع الخطاب المقدس ثمناً أكبر.

المقال بقلم علي الخشيبان وهذا رابطه https://www.alriyadh.com/1143436

 



التسميات: ,