الجمعة، 15 يناير 2016

مناقضة الأمر الملكي بقصر الفتوى على العلماء ، والإفتاء بجواز الغناء والتشنيع على من خالف ذلك

بسم الله الرحمن الرحيم

كل يوم ينشر على أعلى منابر هذه البلاد الصحفية ما يشوش على الناس من شبه وضلال
مع أنه قد صدر أمر ملكي بقصر الفتوى على المنابر العامة على كبار العلماء ، لكن الصحف وفي عدم وجود عقوبة رادعة حقيقية ولا آلية محاسبة فعّالة فإنها تنقض هذا الأمر
والحقيقة أن العتب الأول على وزارة الإعلام ووزارة الداخلية فهما المعنيتان بذلك ولو كان ثمة متابعة حقيقية لما آل الأمر إلى ما نراه من فوضى وتسنم كتاب صحفيين أمور الفتوى في دين الله سبحانه .
نشرت صحيفة الوطن اليوم الجمعة 5 ربيع الآخر 1437 مقالا فيه 
1. إباحة الغناء .
2. والتشنيع على من نصح أحدا بالتورع عن الغناء وبيع أشرطته.
3.دعوى أن أئمة الإسلام ممن أفتى بحرمة الغناء إنما هي من تلقاء أنفسهم وتأويلاتهم - أي الفاسدة - !! للنصوص . 
4.و يشنع على كون النصوص يتولى شرحها أهل العلم ، ويعتبر ذلك قتلا لكرامة الإنسان ! وتكبيلا للفكر الإنساني !
  هذا ما أردت بيانه ونسأل الله أن يوفق ولاة الأمر على كبح أهل الضلال الذي عم شر واستطار في الأمة ضرره  

نص المقال وهو بعنوان ( باب ما جاء في الغناء ) للكاتب ( صالح الديواني ) :

حدثني صديق كان يمتلك أستريو لبيع أشرطة الغناء والموسيقى، عن معاناته من الذين يأتونه ناصحين على حد زعمهم، بأن قوته حرام في حرام! 

قلت له: حينما نتأمل في تاريخ الفنون التراثية العربية في الذاكرة التاريخية، نجد أن هناك غياباً كبيراً لجزءٍ مهمٍ من تلك الذاكرة على مستوى تاريخ الفنون أو بعض ما ترافق مع تلك الفنون (كطقوس الزواج وطرق أداء الرقصات). وقد شكل ذلك الغياب فجوةً كبيرة خاصة في فترة ما قبل الإسلام ثم الفترة التي تلت ذلك إلى بداية عصر التدوين الحقيقي في التاريخ العربي والإسلامي، الذي بدأ بشكل مؤثر وقوي في نهاية الحكم الأموي وبداية الحكم العباسي. 
إذ لا نجد ذكراً، أو توثيقاً حقيقياً لذلك الموروث الفني فيما قبل عصر التدوين. فهل من المعقول أنه لم تكن هناك فنون متنوعة كالغناء والرقص والإيقاع وآلات الموسيقى؟ 
قطعاً كانت موجودة ومستمرة، لكنها لم تحظ بالاهتمام على صعيد التدوين لغياب أدوات الكتابة في الثقافة العربية في تلك الفترة التي اقتصر فيها النقل على (الروي مشافهةً) فقط. إلا أن ما ذُكر في بعض الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد أخبر صراحة عن وجودها كما جاء في حديث الجواري ببيت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) وقول النبي لأبي بكر (دعهما فإنها أيام عيد..)، وأيضاً الحديث: (عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أهديتم الفتاة؟ قالوا: نعم، قال: أرسلتم معها من يغني؟ قالت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم). 
كان النهي والتحريم قد اختصا بالتبيين القطعي والصريح للموجودات والممارسات التي سبقت أو تزامنت مع ظهور رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم) وحياته، وتحريمها (صراحة) (كالخمر والميسر والأنصاب والأزلام ووأد البنات والسفور والميتة والدم ولحم الخنزير.. إلخ)، وهي أفعال وعادات جاهلية كان الأعراب متعلقين بها وبشكل كبير، وكانت موجودة من قبل، ومتزامنة مع حياة ورسالة النبي عليه الصلاة والسلام؛ في حين أننا لا نجد -فيما يتعلق بالغناء- أكثر من (تأويلات وتفاسير إنسانية لنصوص إلهية في القرآن)، وقد جاءت اجتهاداً وتحتمل أكثر من وجه أيضاً، أو تأويلات شخصية لأحاديث نبوية، وتلك التأويلات تحتمل أكثر من وجهٍ أيضاً. وكل ما استدل به من (نصوص) حول النهي والتحريم، جاء غير محقق لشرطي (الصحة والصراحة، أو الصراحة والصحة). 
-إذن لماذا اُستثني الغناء من الذكر بالنهي والتحريم الصريحين في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية. وقد كان موجوداً ومتزامناً مع حياة الرسول؟! 
وما الحكمة من عدم ذكره بالنهي والتحريم وقد فعل مع غيره من موجود العادات والتقاليد. وترك أمر البت في النهي عنه أو التحريم للتأويل والاجتهاد؟! 
ثم هل من المعقول أن يأتي ذكر تحريم أمور أقل شأناً وتتعلق بجانب واحد في المجتمع (المرأة)، كقص أو نتف شعر الحاجبين، ولعن (النامصة والمتنمصة)، ولا يُذكر الغناء بالنهي والتحريم (ولو لمرة واحدة) وهو الأكثر شيوعاً وتأثيراً في محيطه..؟! 
كل تلك التساؤلات قد تبدو مشروعة ومنطقية عند البعض، ومرفوضة ومحرمة في نظر البعض الآخر. وهذا الاختلاف بشكله وهيئته الحالية ليس صحياً أو صحيحاً، ولا يحقق حالة التصالح مع الذات إذا ما أردنا بالفعل الوصول لنقاط مشتركة مع الآخر. ومهما تحايلنا على واقع الحالة وحاولنا تمريرها على العقل على أن ذلك ما هو إلا سنة حياتية، فإننا لن نكون إلا تكراراً مؤلماً لمن سبقونا في تكبيل الفكر الإنساني، ولنقع مجدداً في نفس الخطأ الذي تمثل في توحيد الفهم بين (آيات التنزيل الإلهي والتفسير الإنساني لها)، وبشكل أدق (القرآن) و(التفاسير)، والفرق بينهما شاسع وعظيم، ولا وجه للمقارنة بينهما أصلاً، واستمرارنا في وضع الخطوط الحمراء والمتاريس أمام فكرة الإيمان بأن الإنسان مخلوق متجدد ومتطور وخلاق، ما هو إلا قتل لكرامة الإنسان، القادر على التواصل وقراءة المطروح أمامه بطريقة تليق بما يجب أن يكون عليه، ومعبراً في نفس الوقت عن عظمته كمخلوق رائع مُعجز. 
الحديث يطول ويتشعب في هذا الموضوع، والنهايات دائماً واحدة لو تعلم، فالأدلة مختلفة والعلماء كذلك يختلفون فيها وعليها.. وهذا باب ما جاء في الغناء في رأيي مستنداً إلى كثير من الأدلة بين يدي. 
خرج صديقي من عندي وهو يردد: خسرت المحل وأكل عيشي بسببهم، حسبنا الله ونعم الوكيل.


الرابط

التسميات: ,