الخميس، 10 مارس 2016

الإساءة البالغة لدين الإسلام

                                   بسم الله الرحمن الرحيم 
نشرت صحيفة الرياض يوم الخميس 1437/6/1 مقالا فاض بالإساءة للعقيدة الإسلامية الصحيحة السلفية ، وتضليل أمة الإسلام والتشكيك 
هنا وضعت التفاصيل 
علما أني رقمت هذه التفاصيل
وأيضا سقت المقال كاملا ورقمت مواضع الشواهد منه 



1.يقرر الكاتب أن العقيدة نشأت من مؤثرات غير عقيدية بالأصل !! وأن الحالة الثقافية والسياسية هي التي اخترعتها !!

2. يقرر أن العقائد ومنها عقيدة أهل السنة والجماعة إنما سردت من الصراعات السياسية والاجتماعية ، وأن الأصول المذكورة في العقائد هي أصلا فرعيات و آراء نتيجة صراعات !!

3. يقول : أن ما يُزعم في العقيدة أنها يقينيات هي أصلا تأويلات متضادة !!

4.يقول : إن كل الفرق والمذاهب والطوائف – بما فيها أهل السنة – كانت أصلا نزاعا مسلحا وعلى ضوء ذلك أنشأت .

5. يقول : إن ما ذكره الأئمة على أنه عقيدة و بنوا عليه الفرق بين الإيمان والكفر .. هو ليس صحيحا وليس من الدين !!

6. يقول : إن العقيدة هي التي يحتج بها الإرهابي الآن وهي نشأت في القرون الثلاثة الأولى نتيجة أزمات !!!

7 . يقول : إن ما كتب في كتب العقيدة قبل ألف سنة سطرها رجل يعاني من اضطرابات نفسية !!!

8. يقول : إن ما يطرح من العقيدة وأنه من أصول الدين هو عبارة عن فضيحة بشرية !!

9. يقول :  إنه لا بد من نقد أصول المعتقد !!!

10. كل الكلام هو عن العقيدة إلى أن وصل الكاتب فقال : إنها أوهام وعلينا أن نعتبرها أساطير للتسلية وعلينا عدم الخضوع لها ، وعدم الالتزام بما قال السلف


 وهنا نص المقال وأمام الشواهد أرقام تطابق ما ذكرته أعلاه  
تاريخ الاختلاف ومشروعية الوعي الدوغمائي
لا ينشأ التطرف الديني، ومن ثم الإرهاب، إلا على أساس وعي دوغمائي، يدّعي – بيَقِينية جازمة – أنه يمتلك الحقيقة كلها، وأن هذه الحقيقة المكتملة هي حقيقة/ حقائق أزلية وأبدية، متعالية على مشروطية الزمان ومشروطية المكان. فهي كحقيقية/ حقائق هكذا وُجدت؛ منذ وُجدت؛ - اكتمالا وكمالا - مرتبطة بالمقدس المتعالي، وبالتالي، لم يكن ثمة احتمال أن تكون على غير هذا الذي هي عليه اليوم؛ لأنها ليست من نتاج هذا العالم الأرضي المفتوح على خيار الإرادات البشرية، فلا شيء – وفق هذا الزعم – بشريا فيها من الأساس.
يزعم العقائديون الغلاة أن هذه اليقينيات الدوغمائية، المُؤسِّسة لعقائد التقليديين المتطرفين الذين لا يخرج الإرهابيون إلا من تحت عباءاتهم، لم يكن للبشري أو الزمني أي إسهام فيها، بل هي (ما فوق بشرية) في كل مستوياتها، من أصل الأصول إلى فرع الفروع. وبما أنها – كما يزعمون – ليست نتاج الحوادث العارضة والمتغيرات الطارئة في التاريخ، فهي غير قابلة للمراجعة وِفْقَ الحوادث والمتغيرات الراهنة. وأما ما خَطّته آلاف الأيدي - عبر حِقَبِ التاريخ المتطاولة - بشأنها، فهو ليس إنشاء ًولا تكوينا ولا تكييفا، بل مجرد شرح وتوضيح وتأكيد لحقيقة لا تقبل المَساس بها إلا على سبيل الابتهال لها بالتعظيم.
لا تَسْتَهِنْ بعقيدة الإرهابي. الإرهابي لا يُقدِم على عمل نضالي عابر في حياته، لا يتعاطى مع الهامشي في حياته، إنه لا يقتل الآخرين فحسب، بل يقتل نفسه معهم أيضا، سواء أكان ذلك عن طريق الانتحار المباشر (تفجير نفسه)، أم عن طريق الانتحار غير المباشر (الانضمام لمجموعات محكوم عليها بالموت).
لا بد من استحضار حقيقة أن الإرهابي لا يقدم على تضحية جزئية تتغيّر وتتحوّل في مسيرة حياته وِفْقَ متغيرات الأحوال، ومن ثم؛ يمكن تلافيها واستدراك توابعها بشكل أو بآخر، بل هو يُقْدم على التضحية بحياته كلها، ويُقدّمها رخيصة، وبسرور بالغ؛ لهدف يتجاوز الحياة ذاتها، أي لعقيدة عميقة راسخة يرى أنها أكبر من الحياة ذاتها، وأشد منها يقينا ورسوخا وأبدية.
لا يمكن أن يقدم على ارتهان حياته كلها، حاضرا في عالم الشهادة، ومستقبلا في عالم الغيب؛ لعقيدة يتطرق إليها - أو إلى بعض تفاصيلها – الشك، أو احتمال امتزاج البشري المتغير المتحول/ المحايث بالإلهي الثابت/ المتعالي.
عندما سُئل الفيلسوف البريطاني الكبير برتراند رسل: هل أنت مستعد للتضحية بحياتك في سبيل أفكارك؟
أجاب بصراحة: لا؛ لأني على يقين راسخ من حياتي، ولست على يقين من أفكاري. وهذا منطقي؛ لأن التضحية بالثابت واليقيني، بل بالوجود كله – كما في حالة الإرهابي -؛ لا تتأتى إلا بيقين أكثر وُثوقية وثبوتا منه. وإذا عرفنا أن كل ما خالطه البشري بأي صورة من الصور؛ فهو احتمالي وغير ثابت؛ ولو بنسبة ضئيلة، نسبة قد لا ترُى بالفكر البشري المجرد (الذي يدّعي الإطلاقية)، فمن المتحقق ألا أحد سوف يُقدم على التضحية بعالمه اليقيني/ عالم الشهادة؛ ليتوجّه إلى عالم غيبي لا ضامن لشروط السعادة فيه إلا نسبية التنظير البشري. أي لا أحد سوف يقدم على التضحية بعالمه اليقيني؛ إلا إذا طُرحت له التنظيرات العقائدية البشرية بوصفها ليست بشرية، وبالتالي ليست نسبية، بل هي مطلقة لأنها إلهية، تُعبّر عن مُراد رب العالمين على لسان المُوقّعين عن رب العالمين.
إن الإرهابي لا يقدم على التضحية بنفسه جراء الإيمان بالأصول العقائدية التي نؤمن بها جميعا. هو لا يقتل نفسه، والآخرين معه؛ لأنه يؤمن - مثلنا - بالله أو بالأنبياء أو بالكتب أو باليوم الآخر، بل يقدم على ذلك إيمانا بعقائد تفصيلية مسطورة في كتب العقائديين؛ يزعم العقائديون أنها حقائق أصولية عند الله، بينما هي مجرد حقائق بزعم بشري خالص. ودليل بشريتها الواضح والبسيط والصريح، أنها ليست محل اتفاق كل الأمة المؤمنة بذات الكتاب، وما هو محل اتفاق بالجملة، هو محل اختلاف عريض في التفاصيل. وهكذا، نرى الإرهابي يقتل نفسه والآخرين؛ بناء على جزئية عقائدية يعتقد – هو – أصالتها ورسوخها وتعاليها، بينما يعتقد عموم المسلمين فيها عقائد متباينة، لكنها لا تصل مستوى التصعيد اليقيني الذي يصدر عنه الفعل الإرهابي.
لا بد أن نعترف. ثمة مشكلة في تدريس العقائد في معظم الأقطار الإسلامية. يغيب علمُ الأديان/ المذاهب المقارن (في صورته الموضوعية) عن المناهج الدراسية التي تصنع العقائد الرسمية في العالم الإسلامي. بل إن علم الكلام العقائدي محرّم ومجرّم عند كثيرين!. ولهذا، ليس مستغربا أن يتلقى الملايين عقائدهم على أنها – بكل تفاصيلها التي لم ترد ثبوتا أو تأويلا في النص المُؤسِّس – عقائد يقينية متعالية، لم يُسهم الفهم البشري، النسبي، المحايث للوقائع المتغيرة، في إنتاجها، أو – على الأقل – في تكييفها، وإخراجها في هذه الصورة التي يُزعم لها أنها التعبير الأكمل عن مطلق كمالها المزعوم!.
1. إن أي قارئ في تاريخ العقائد والفرق يدرك أنها نشأت وتكوّنت واكتملت على النحو الذي هي عليه اليوم بفعل مؤثرات غير عقائدية في الأساس. وهذا ما لا يطرح في فصول الدراسات النظامية، إذ لا منهج مُعتمدا يقرر للطلاب أن الأرضية الثقافية والاجتماعية والسياسية التي نبتت فيها هذه العقائد أسهمت – بصورة ما، ولكن بشكل حاسم – في اختراعها من الأساس، أو على الأقل، في تكييفها؛ لتكون مُعبّرة عن احتياج الجماعة البشرية السياسية التي تقاطعت معها لهذا السبب أو ذاك.
2.كل التشكيلات العقائدية التي كوّنت الفرق الإسلامية على اختلافها، نشأت في رحم الحدث السياسي. السنة والشيعة والمعتزلة والمرجئة والخوارج..إلخ، وكل ما تفرع عن هذه من فرق ثانوية، بنت سردياتها العقائدية استجابة لشرط الصراع الاجتماعي أو السياسي. وهذا يعني أن التحولات السياسية والاجتماعية التي زامنت كل هذه الفرق والمذاهب والطوائف؛ أحدثت كثيرا من التحولات في المنظومات العقائدية بلا استثناء. وبدرجة ما يكون الصراع الواقعي حادا؛ يتم تصعيد الخلاف النظري؛ 2.لينتقل من كونه مجرد فرع، أو حتى مجرد رأي، إلى مستوى أن يصبح أصلا يحكم آلية التمايز الفِرَقي، الذي هو تمايز سياسي، نابع – في مستوى وعي قياداته - من مصلحة دنيوية خالصة، حتى وإن زعمت تلك القيادات أنها تتوسل صريح الدين.
هكذا تقدّست وقائعُ ومقولاتٌ وشخصياتٌ، ما كان لها أن تتقدس لولا ضرورة وضراوة الصراع على الواقع. وبأيسر اطلاع، نكتشف أن هذه الوقائع والمقولات والشخصيات لا وجود لها البتة في أصل النص القرآني المقدس؛ إلا على سبيل اعتساف التأويلات الضمنية التي يمكن دفعها بتأويلات مشابهة.
3.لكن، مبدأ المشكلة أن هذه التأويلات المتضادة، التي يزعم كل منها مطلق اليقين، لم تصبح مجرد آراء في نظر الأتباع اللاحقين، بل بعد تطاول الحقب، غابت أو غُيّبت كل الحيثيات المصاحبة، وجُرّدت المقولات في كتب العقائد؛ لتظهر وكأنها عابرة للتاريخ، أو كأنها بلا تاريخ!.
4.إن كل الفرق والمذاهب والطوائف، كانت لها – على الأقل في البداية – مجموعات مسلحة، قد تصل في بعض الأحيان إلى درجة الجيوش التي تقارع دولا. ومعنى هذا، أن هذه الفرق والمذاهب نشأت تشريعا لقوة، أو اعتراضا على قوة. والأهم، أنك لو تأملت مقولاتها النظرية لحظة التأسيس/ لحظة الانبثاق؛ لوجدت أنها ليست شيئا؛ مقارنة بمقولاتها بعد قرنين أو ثلاثة، حيث تضخمت المقولات، وأُلّفت الكتب في خضم المعترك الفكري المنقسم على ثنائية: الدفاع والهجوم، وهو المعترك الذي تغذّى من تحولات الواقع الاجتماعي/ السياسي.
5.والسؤال هنا: ماذا لو أدرك الشاب الإرهابي الذي يُفجّر نفسه؛ فيتمزّق أشلاءً متناثرة، أن العقائد الكامنة وراء هذا الفعل التضحوي الصاخب، ليست من صميم الاعتقاد الديني؛ حتى وإن أدرجها عقائديو مذهبه في أصول الاعتقاد، وبنوا عليها مفارقات الإيمان والكفر؟!
6.ماذا لو أدرك هذا الإرهابي أن عقائده التي يقتل نفسه والآخرين عليها ليست إلا تعبيرا عن أزمة جماعة أو فرقة في القرن الأول أو الثاني أو الثالث، وأن تصعيدها لتكون أصلا إنما جاء استجابة لحاجة الواقع آنذاك؛ حيث اضطرهم الصراع المحتدم المسلح الذي يتقاطع مع ضرورة الحياة ذاتها إلى اعتبار الطرف الآخر في الصراع كافرا؛ ليكون القتال مشروعا؟!
7.ماذا لو أدرك هذا الإرهابي أنه يُضحّي بنفسه لأن ثمة رجلا قبل ألف عام أو سبعمئة عام كان يعاني من اضطرابات نفسية في علاقته الاجتماعية؛ فسطرها في كتب العقائد بوصفها المعتقد الصحيح في تكييف العلاقة مع الآخرين؟!
8.أيا كان الأمر، تبقى المشكلة: كيف يُدرك الشاب – الذي لا يقرأ إلا ما أراد له سدنة الجماهيرية أن يقرأ - هذه الحقائق، خاصة وأن العقائد تطرح في أفقه منزوعةً من جدلياتها التاريخية التي تفضح بشريتها؛ بحيث تبدو حقائق مطلقة متعالية؛ معبرة عن أصول الدين منذ أن وُجد الدين؟
9.لا يمكن أن يخرج الشاب من أفقه الدوغمائي الذي لا بد وأن يقوده للتطرف/ الإرهاب؛ إلا بالتواصل التثاقفي مع الكتابات النقدية التي تحفر – بموضوعية - في أصول المعتقدات في التاريخ.
والأفضل أن يكون للمناهج المدرسية، والأنشطة المصاحبة، والإعلام المرئي، دور في توسيع دائرة الرؤية العقائدية، وفي تنسيب كلّ ما أسهم التاريخ في صناعته كمطلق؛ حتى لا يذهب أبناؤنا ضحايا لمكر التاريخ.
10. أوهام الماضي يجب أن تبقى في حدود الماضي، وأن نقرأها كأساطير للتسلية، أو حتى لاستخلاص الدروس، لكن، لا يجوز بأي حال، وتحت أي مبرر، أن نقرأها للخضوع لها، لا يجوز أن نتركها تقود زمام حياتنا، فنحن – يقينا - أعرف بحياتنا من أسلافنا، وأجدر أن نخلقها بصورة أجمل وأرقى وأكمل مما كانوا يتصورون أو يتوهمون

التسميات: ,