صحيفة الرياض تنشر مقالا ينضح كفرا، تلعق البسطار الأمريكي والغربي ، مقال لا يجرؤ عليه ولا السفراء الغربيون
نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 1 ذي القعدة 1437 مقالا ينضح كفرا ومناكفة
للشرع والقرآن . عنوان المقال " نحن والغرب.. إشكالية القراءة النمطية"
موضوعه عن الغرب ، ليس عن الاستفادة من مخترعاته ، أو مداراته ، بل
عن الغرب حضارة وقيماً ومبادئاً .
يقول : إن نظرتنا إلى الغرب هي النظرة التي كانت عند نزول القرآن الكريم
–نص كلامه هو : منذ وقت "الروم في أدنى الأرض"-
أقول : هذا فيه مناكفة ومضادة للشرع ، إذ يجب أن تكون نظرتنا إلى كل
الأمور ومعاييرنا هي التي جاءت حين نزول كتاب ربنا وبعثة نبينا صلى الله عليه وسلم
.
يقول الكاتب : إنه منذ بدء الخليقة أكبر متغيرات التاريخ البشري
إيجابية هي حضارة الغرب
أقول : هذا فيه حط من شأن أعظم وأجل المتغيرات في البشرية وهي مجيء
الرسالات وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم .
إذ كلام الكاتب فيه تجاهل للرسالة ، وتفضيل التغير بأثر حضارة الكفر
على أثر الرسالة والرسول صلى الله عليه وسلم وأثرها في البشرية في حينها وما لحق
بعد ذلك .
ثالثا : سمى الكاتب عصور أوروبا الحديث "استنارة"
وبالمقابل أطلق كل وصف سيء على حال وشأن المسلمين
لقد حكم بأن الكفار أهل
استنارة ومقابل ذلك تصغيره من شأن المسلمين ..
هو لا يتكلم عن إبداع دنيوي سبق الكافر به ، بل يتكلم عن الحضارة ككل
والقيم والشأن العام .
يقول ناقدًا ورافضًا : إن المسلمين يتعاطون مع الغرب بقياس الصليب
والهلال ، وإنه قد مضى زمن الهلال والصليب
أقول : الهلال ليس هو شعار المسلمين ، لكن الكاتب بالضرورة وقطعا ينص
على رفض النظرة للغرب بمقياس ومعيار الكفر والإيمان
وهذا رفض للمعيار الشرعي وأن
الناس كافر ومؤمن
ومرة ثالثة : كل كلامه بشأن القيم والحضارة وليس الاستفادة والتعاون
بالشأن البشري البحت .
يقول الكاتب : إن الغرب هو صديق أمين ، وأن هذا هو ما يأخذ به
الناجحون
أقول : إن ائتمان الكافر هو مضادة ومناكفة لما جاء في القرآن والشرع
عموما .
يقول الكاتب : إن معيارنا وحكمنا على شأن الغرب لا بد ألا يكون
من إحساس
ذاتي بمظلومية تمتد بطول تاريخ تخلفنا الفظيع بل يجب أن يكون المعيار هو عبر قرارات
أممية
أقول : هذا كلام فظيع وهو ألا يكون الحكم صادراً مما أسماه
"مظلومية تاريخية" بل يكون من خلال "قرارات أممية"
وأيضا فقد قال الكاتب : " فلا يزال وعينا الماضوي يتوجس من
كل حضور للغرب في واقعنا؛ مهما كان هذا الحضور إيجابيا وخلاّقا ومُنقذا لنا
أقول : يا ترى
ما هو "وعينا الماضوي" الذي ينتقده ويرفضه؟ هو ديننا هو وعينا
الماضوي
وبالجملة فكل المقال هيام وتسبيح بحمد الغرب ، وبالمقابل حط وتسفيه
لشأن المسلمين .
أنا متأكد أنه حتى سفير إحدى الدول الغربية لا يجرؤ أن يكتب وينشر
مثل هذا الكلام بيننا .
ومع الأسف أن تنشره هذه
الصحيفة.
هذه كلها حروب صليبية؛ كما يقرأها وعينا الكهفي الذي ما زالت برمجته قروسطية، بحيث لا يطيق التفكير خارج الخرائط الإدراكية المتواضعة للقرون الوسطى.
وعينا القروسطي لا يستطيع أن يقرأ في كل هذه الوقائع غير ذلك الجانب الديني، لا لأنها فعلا كانت تحمل هَمّا صليبيا، ولا لأن ثمة ما يشير إلى هويتها الدينية؛ وإنما لأن وعينا لا يزال وعيا محدودا تقف حدوده القرائية/برمجته عند ما تسمح به معطيات الواقع المعرفي قبل ستة قرون، أي أنه لا يمتلك إلا أبجديات تفسيرية متواضعة، ترى القادم من الغرب ـ كل قادم ـ مجرد غازٍ صليبي، إن لم يحمل الصليب، فهو يحمله في قلبه لا محالة. بل حتى عندما لا يوجد أي صليب واقعي، لا شكلا ولا مضمونا؛ فلا بد أن تتوهمه؛ لأن وجود الصليب ـ في سياق هذا الوعي المحدود ـ شرط من شروط التفسير بالمقلوب، أي شرط يفترضه التفسير مقدما؛ لأن النتائج هكذا تريد!.للأسف، كل شيء يتغير ويتبدل ويتطور إلا العقل العربي/الإسلامي الذي لا يزال يتعاطى مع الغرب بثنائية الهلال والصليب. مضى زمن الهلال، ومضى زمن الصليب، وطفت على سطح الواقع معطيات جديدة، تُنبئ عن عالم جديد مختلف غاية الاختلاف. ومع هذا، فلا يزال وعينا الماضوي يتوجس من كل حضور للغرب في واقعنا؛ مهما كان هذا الحضور إيجابيا وخلاّقا ومُنقذا لنا من زمن التكايا والرعايا؛ زمن الفقر والقهر والإذلال.نحن نمارس الارتياب بالغرب بتلقائية غريبة، وكأن الارتياب طبيعة فينا، ولا نتساءل بجدية: لماذا نحن مرتابون بكل ما يأتي من الغرب؛ حتى بالدواء الناجع الذي أثبت نجاعته على البشر كافة، بينما نلتهم كل أنواع السموم بلا ارتياب؛ لمجرد أنها صناعات محلية، باركها الآباء وعمّدها الأجداد؟!ألم يحن الوقت بعد لنطرح على أنفسنا الأسئلة الصارمة المحددة: هل صحيح أن الغرب أساء إلينا مُتعمّدا؟ متى وأين وكيف؟ ولماذا نختصر علاقتنا بالغرب بقضية ما، أو برقعة هي محل نزاع تاريخي، ولماذا نحن العرب، ومعنا جوقة الفاشلين من بقايا اليسار المندحر، نشكو ـ وحدنا ـ إساءات الغرب، ونُنَظّر لعداوات الغرب، ونُؤكد تآمر الغرب؛ بينما الناجحون في أقصى الشرق والشمال والجنوب لا يرون في الغرب إلا شريكا مفيدا وصديقا أمينا؛ رغم أن تاريخهم معه متخم بالصراع؟
لماذا ـ نحن وحدنا ـ نقرأ الوقائع بذاتية موغلة في تنرجسها وانغلاقها؟ ولماذا نُصِرّ ـ وحدنا ـ على أن نُضيف تاريخ الغرب القديم إلى حاضر الغرب عند محاكمته/قراءته، بينما نضع تاريخنا خارج محل النزاع؟
بل لماذا نُعمم وقائع محدودة ومحصورة، صدرت من قِبل (بعض) الغرب على (بعض) العرب أو المسلمين؛ فنجعلها عدوانا من الغرب (كل الغرب) على العرب/المسلمين (كل العرب/كل المسلمين)؛ مع أن توصيفها بالعدوانية توصيف منحاز ـ بالضرورة ـ من حيث هو حكم ذاتي؟
لا بد أن يكون التوصيف محايدا (أي مُفصّلا ومُحكّما بقرارات أممية، من مؤسسات أممية، تكون ذات طابع إجماعي أو شبه إجماعي، لا أن يكون صادرا عن مجرد إحساس ذاتي بمظلومية تمتد بطول تاريخ تخلفنا الفظيع)؛ كي يتسم بالحد لأدنى من الموضوعية التي ندّعيها لأنفسنا، ونتصور أننا ظفرنا بها لمجرد الادعاء.إن ما نعانيه في علاقتنا الشائكة مع الغرب، ليس الغرب هو الطرف الفاعل فيها. نحن الأزمة، نحن من يصنعها ومن يقتات عليها، وهي أزمة مع الذات قبل أن تكون أزمة مع الآخر، إنها أزمة قارئ قبل أن تكون أزمة مقروء، إنها أزمة اللاوعي بالأزمة.والبداية، بداية الإفاقة من هذا السبات، لا تكون إلا بطرح الأسئلة التي نطرحها على الآخر، أي أن البداية لا تكون إلا بمساءلة الذات.
التسميات: المحمود, جريدة الرياض
<< الصفحة الرئيسية