عكاظ وكلام منحرف بحق الشرع المطهر و علماء الشرع
بسم الله الرحمن
الرحيم
نشرت صحيفة عكاظ وبتاريخ 5 شعبان 1439 مقالا
بعنوان ( من الاجتهاد المتنوع إلى القانون الواحد ) بقلم كاتبها يحيى الأمير، فيه
ما يلي :
أولا : قال عن فتاوى علماء
الدين : يستحيل للاجتهاد الفقهي أن يدير الحياة في
الدولة المدنية الحديثة .
وفحوى
الكلام أن فتاوى الشرع لا تستوعب ما يحتاج إليه من فتوى في العصر الحالي !!! لأنه
كما يقول : دولة مدنية حديثة .ولا يخلو الكلام من تهوين وتصغير لفتاوى الشرع .
ثانيا : استمر في تشويه
وسلق فتاوى أهل العلم فقال : إن محاولات فرضها سابقا سببت التوترات مجتمعية
وهذا
كلام باطل ، أولا ففتاوى الشرع خير وبركة وليست توتراً ، وثانيا قوله : (محاولات فرضها) فيه تأليب ، فالعلماء
لا يفرضون بل ولاة الأمر ونوابهم هم من يفرض .
ثالثا : قال : إن الدولة ليس من شأنها أن تتبع رأيا فقهيا .وإنما
تراعي تنوع أفرادها
وهذا
كلام عن الدولة والكاتب ليس متحدثا باسمها ، ثم تسمية الفتاوى (رأيا فقهيا) هو
إيهام أنها مجرد آراء لا ترتفع إلى جعلها ديناً يدان الله به . ثم كلامه أن الدولة
ليست ملزَمة ! بل هي شرعا ودينا أمام الله ملزَمة بما يفتي فيه علماؤها .
رابعا : قال : المدرسة الفقهية التقليدية لو امتلكت سلطة لانتهى
الأمر إلى خلق حروب اجتماعية
هذا فيه
أولا سخرية ولمز لهيئاتنا العلمية وعلمائنا ووصفهم بـ(التقليدية) وثانيا : تشويههم
وتأليب وشحن عليهم بأنهم لو كان لهم زمام الأمر لسببوا القلاقل .. هذا أكبر مسبة
وكذب وافتراء في آن واحد
خامسا : قال : الفقه لا ينطلق من روح ومقاصدية التنزيل الحكيم
هذا فيه مسبة للفقه الشرعي ، وتصويره أنه مؤلف بشري لا يستمد من الوحيين .
سادسا : قال : ارتهان الاجتهادات للفقه القديم الموروث جعل الاجتهاد
يدور خارج الواقع
وهذا فيه
مسبة ولمز بتسمية (الفقه القديم الموروث) وأيضا المطالبة بنبذه .
سابعا : قال : بسبب الفقه القديم الموروث صار الانشغال بالتحريم سلاحه
الوحيد في مواجهة كل جديد
وهذا فيه
أكبر مسبة لعلمائنا أنهم مجرد مضيقون ومحرمون لكل شئ جديد .
ثامنا : قال : ليس من حق أحد أن ينكر على المقتنعين بالسينما وما
فيها
وهذا
أيضا فيه رفض وتأليب على علمائنا بأن ليس من حقهم الإنكار على من اقتنع بالسينما .
تاسعا : في سياق الكلام عن السينما طالب الدولة بأن ترعى التنوع
وتترك الناس حسب قناعاتهم
وهذا ليس
سديدا بل على الدولة أن ترعى الشرع بغض النظر عن الأهواء والرغبات .
المقال :
من
الاجتهاد المتنوع إلى القانون الواحد/يحيى الأمير/عكاظ
هل يمكن للاجتهاد الفقهي الذي غالبا ما يمثل لحظة اجتهادية ذات سياق
معين أن يدير الحياة في الدولة المدنية الحديثة؟ في الواقع يمكن أن يكون
هذا مستحيلا للغاية، ومحاولات
فرضه سابقا هي التي تقف خلف كل الأخطاء والتوترات المجتمعية السابقة. الحل
في القانون والتنظيم فقط، وثمة من يتهيأ الآن للرد على هذه العبارة أنها مجافاة ٍ
للشريعة وتخل عنها، ولكن النظام والقانون لا يأتيان إلا من خلال المقومات الثقافية
والاجتماعية التي على رأسها الدين. الدولة
تمنع وتسمح ولكنها لا تحرم ولا تحلل؛ وإذا كان ثمة
رأي فقهي مثلا يحرم الموسيقى فالاقتناع به أو رفضه مسألة شخصية تعود للأفراد، لكن
الدولة ليس من شأنها ولا من مهامها أن تتبع ذلك الرأي أو ترفضه، لأن
علاقتها بالأفراد تقوم على القوانين والأنظمة التي تراعي تنوعهم وخياراتهم. إشارات المرور مثلا لا تفرق بين الملتزم وغير الملتزم وعلى الجميع
الالتزام بها بغض النظر عن قناعاتهم، القيمة الكبرى في إشارات المرور قيمة دينية
عليا تتمثل في التنظيم وحفظ الأرواح. ولنتخيل
ماذا سيكون الأمر عليه لو أن الاجتهادات الفقهية التي
ظلت تصدر يوميا طيلة السنوات الماضية تحولت إلى قوانين وأصبحت تمتلك سلطة لإلزام
الناس بها! اجتهادات في اللباس والأكل والعلاقات والسفر وكل تفاصيل الحياة (هذا التفصيل أحد إشكالات المدارس الفقهية التقليدية) لو
امتلكت سلطة لانتهى الأمر بها إلى خلق حروب اجتماعية قاهرة ولتراجعت فكرة
الدولة تماما
. الفقه لم يكن دائما ذا خطاب مدني ينطلق فيه من روح ومقاصدية
التنزيل الحكيم
الذي هو للناس جميعا، وأدى ارتهان الاجتهادات الحديثة
زمنا للفقه القديم الموروث إلى جعل الاجتهاد يدور خارج الواقع وليس جزءا
منه؛ منشغل بالتحريم الذي بات سلاحه الوحيد في مواجهة
كل جديد
. النظام
الخاص بالسينما سواء في إنتاج الأفلام أو في إقامة دور العرض له تأثير فعلي في
حياة الناس اليوم أكثر من الاجتهادات والآراء التي صدرت في هذا الشأن، والتي في
الغالب تجنح للذم والرفض وقبول هذه الآراء أو رفضها هو شأن خاص بالأفراد وليس من حق أحد أن ينكر على المقتنعين بهذه الآراء
أو يعرض بحقهم في ذلك، والدولة أيضا هي التي تدير هذا الجانب. التنوع قيمة عليا ومن عوامل ازدهار ونمو الدولة المدنية الحديثة، ولذا
وكما تنمي الدولة الاقتصاد والموارد عليها أيضا العمل
على تنمية التنوع ليكون إيقاعا يوميا واضحا في الحياة العامة، التنوع يجعل
الأفراد سعداء بحرياتهم وحقوقهم ويجعلهم أكثر حرصا على حقوق الآخرين، كذلك لأن هذا
يحميهم هم كذلك، والتنوع لا يمكن أن يقع ناهيك عن أن يزدهر إلا في ظل النظام
والقانون وبالتأكيد ليس في ظل الاجتهادات والآراء المختلفة. مقابل حالة العشوائية والانفلات التي كانت سائدة في المشهد الفكري
التسميات: عكاظ, يحى الأمير