السبت، 31 أكتوبر 2015

كفر وضلال وإساءة لدين رب العالمين

 بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الله ثم إلى علمائنا وأمرائنا نشكو الضلال الكبير الذي ينشر للأمة على أعلى منابرها الصحفية ، وباستمرار وإصرار ، وجهارا وإعلاناً
 نشرت صحيفة الوطن يوم الجمعة 17 محرم 1437 مقالا بعنوان ( الخطاب المطلق والخطاب الزمني )
فيه ضلال يصل إلى الكفر المعلن :
يقول الكاتب : لا يمكن أخذ الخطاب الديني، كخطاب سياسي، يمكن إدارة الاقتصاد والسياسة والشأن العام للمجتمع من خلاله
ولا شك أن هذا كفر وهو اعتقاد أن دين الله الذي شرعه للناس ليس له دخل في الشأن العام لا اقتصاد ولا سياسة ولا شئ .
ويقول الكاتب : الدين يجب أن يبقى مقدسا، كخيار شخصي أما الخطاب فقابل للنقد والطعن فيه، وتغييره حسب الظرف والمكان والزمان؛ أو حتى استبداله بما هو أنسب منه
وهذا كلام فاسد بحصر الدين على الخيار الشخصي ، وأن تشريعات دين الإسلام – والتي يسميها الخطاب – يمكن أن تستبدل بما هو أنسب منها !!
ويقول الكاتب : وحضور ما يسمى بالخطاب الديني وبشراسة لديه. والنتيجة الحتمية هي ما تعيشه أنت كعربي، من كابوس مرعب
وهذا أيضا من الضلال ، أي اعتقاد أن حضور الخطاب الديني يسبب كابوسا مرعبا
ويقول الكاتب : الحالة الإسلامية التشريعية للأمور الدنيوية والمتمثلة في العلاقات بين الناس وإدارة الشأن العام لهم، فكانت تشريعات خاصة لتنظيم المجتمع القائم حينها
وهذا كفر وضلال ؛ أي اعتقاد أن الشرع الإسلامي فقط مقتصر على الزمن الأول فقط ، أما الزمن الحاضر لم يشرع له أو لم يعد صالحا !!
ويقول الكاتب : الدين هو علاقة بين المخلوق والخالق
وهذا تأكيد لما قاله سابقا ، من أن دين الإسلام لم يشرع أمور الشأن العام ، وإنما هو للمستوى الشخصي .
ويقول الكاتب : إن القيم الإسلامية تهاوت كمخلفات ماضوية نتنة . نخجل أن نرفعها ولم نعد نشرف بها .
وهذا كفر وضلال .
ويقول الكاتب -و هو يكتب من قعر بلاد التوحيد في صحيفة مسماة باسمه -  يقول : يمكن تطبيق النظام الاشتراكي أو النظام الرأسمالي عندنا !!
  هذا الكلام الضال الكفري لا يقال في مجالس خاصة متوارية بل ينشر ليضلل الأمة على رؤوس الأشهاد من أعلى المنابر في قعر بلاد الإسلام . فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ونسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا لمنع نشر الضلال .

نص المقال :
الخطاب المطلق والخطاب الزمني
عبد الرحمن الوابلي
التغير والتطور من سمات الأحياء، والثبات والجمود من سمات الأموات؛ وعلى هذا الأساس يتم الفرز بين الأحياء والأموات. الميت ليس بالضرورة، هو من لفظ آخر أنفاسه وتم دفنه تحت الأرض؛ كما أن الحي ليس كذلك، كل من ما زال يتنفس ويدب فوق الأرض. إذاً، فالحياة والموت هما صفتان بيولوجيتان في معناهما الضيق؛ ولكنهما صفتان حياتيتان في معناهما الأوسع. أن يكون الإنسان ميتا أو حيا بيولوجيا فهذه سنة الحياة، أما أن يكون الإنسان حيا بيولوجيا وميتا حياتيا فهذا عكس سنة الحياة؛ وهنا يكمن ما يعرف بالورطة الوجودية، أي ورطة الإنسان مع وجوده الحي المحيط به. 
ومن الممكن أن يشتبك الإنسان الميت حياتيا وليس بيولوجيا في ورطة حتى مع من ماتوا بيولوجيا ولو من عشرات القرون. حيث يختلط لديه حاضره بماضيه وتتلاشى لديه القدرة على الفرز بين حاضره، ناهيك عن مستقبله وماضيه البائد. فيهرب من مجابهة واقعه، بإعادة نبش قبور مشاكله البائدة البليدة ويعاود خوض حروبها الغابرة، وفي الحاضر، حتى يتحول إلى كيان يطل من القبور على الوجود الحي، ويتحول إلى مخلوق مرعب لمن هم حوله من الأحياء، حيث هو يتحدث بلغة الأموات، التي ليس بالضرورة يفهمها الأحياء؛ ومن هنا يتحول هو إلى مشروع حصار وإبادة من قبل الآخرين، لما يمثله من خطر مرعب على وجودهم الإنساني، عاجلا أم آجلا.
التلبس بالماضي يبدأ من تبني مجموعة سياسية خطابا ماضويا ثم فرضه على الواقع، في البداية بالقوة، حيث يتحول تلقائيا وبعد الترديد والممارسة إلى دين وعقيدة، يجب أن يتبع، ويحمى وينشر، بل ويقاتل من أجله؛ كجزء من أبجديات الخطاب، وضروريات الإيمان والتمسك به. إذاً، فالخطاب، أي خطاب، يتم تبنيه سياسيا ومن ثم يتحول إلى عقيدة دينية وسلوك اجتماعي، يتكون من مفردات، وهذه المفردات تكون هي مدخلات الخطاب، أما مخرجات الخطاب فبالضرورة هي ما تخرجه مفرداته من نتائج تترجمها على أرض الواقع. نستطيع الحكم على أي خطاب من خلال مخرجاته؛ فإن كانت مخرجاته جيدة، بالضرورة فمدخلاته جيدة ودلالة على سلامته. أما عندما تكون مخرجات الخطاب سيئة فلا يمكن أن تكون مدخلاته إلا سيئة، ودلالة على سوء الخطاب.
الخطاب عادة ما يخرج من بيئة معتنقيه، وهو مصمم على مقاس معطياتهم الاقتصادية وظروفهم الطبيعية والمعيشية؛ ليوفر لهم وسيلة العيش الأنسب حسب معطياتهم المتوافرة. وعلى هذا الأساس فالخطابات ليست جامدة بل حية، تتغير حسب تغير الظروف الاقتصادية والمتغيرات البيئية؛ ليؤسس لوسيلة عيش تناسب المعطيات الجديدة؛ وهنا تكمن الإدارة الذكية للحياة التي تنعكس بدورها على نمو وتقدم المجتمع؛ بل وتسهم في نمو وتقدم المجتمعات القريبة منها والبعيدة، حتى يتحول في بعض الأحيان الخطاب المحلي إلى خطاب إقليمي، ومن الممكن أن يتعداه إلى عالمي ليصبح مؤشر نجاح إدارة الحياة من عدمه.
الخطاب، بشكله الطبيعي، هو مفردات فن إدارة الحياة وتنمية مواردها، ويستند على معطيات الحالة الراهنة لمنتجي الخطاب، اقتصاديا وديموجرافيا وبيئيا. أي أن الخطاب يتمحور حول الخطوط العريضة المثلى لإدارة المجتمع بموارده البشرية والطبيعية؛ لتحسين وضعه الحالي للأفضل والرقي به حضاريا. إذاً، فالخطاب هو شأن حياتي دنيوي بحت، لا شأن للشأن الأخروي به، إلا كهوامش تابعة لبعض الخطوط العريضة للخطاب. 
فمثلاً الخطاب الرأسمالي كنظام اقتصادي ذي فلسفة اجتماعية وسياسية، له مفرداته المعبرة عنه التي تتمحور حول الملكية الفردية وحرية السوق وتقليص دور الحكومة في الشأن العام بقدر المستطاع. ومن هنا يتم التركيز على الفردانية وحماية الحرية الشخصية للأفراد بقدر المستطاع، بدون إضرار بالآخر أو بالشأن العام؛ وذلك من أجل تحفيز الفرد على الإنتاج والمنافسة الداخلية، والتي بدورها تدعم المنتج الوطني في مجال المنافسة الدولية، مما يعود بالنفع على المواطنين ويسهل عليهم سبل العيش والرفاهية. ومن هذا المنطلق يتم تركيز الأنظمة والقوانين، وحتى التعليم والإعلام، مثل حرية الأديان والتفكير والتوجه السياسي، لخدمة حرية الفرد التي تنعكس إيجابا على قدراته الإنتاجية.
وكذلك الخطاب الاشتراكي ينطلق كنظام اقتصادي، معتمدا على فلسفة اجتماعية وسياسية، له مفرداته المعبرة عنه والمتمحورة حول الملكية العامة، والتحكم بالسوق، وفسح مجال أوسع للدولة في إدارة الشأن العام، من أجل التوزيع العادل للثروة الوطنية بين المواطنين. وهذا بشكل مختصر ما يمثله كل من الخطاب الرأسمالي والخطاب الاشتراكي. وهذان نموذجان واضحان للخطاب سواء اتفقنا مع أي منهما أم لم نتفق. وعليه فمن الممكن أن يطبق أي من النموذجين في مجتمع إسلامي، ولا يؤثر ذلك على دينه.
إذاً، فالخطاب الذي يطمح لإدارة الحياة العامة للناس يجب أن ينطلق من معطيات اقتصادية وبشرية وبيئية من أجل تنمية الحياة والرقي بها؛ وهو شأن خاص في الحياة، وللحياة، لا غير.
الدين هو علاقة بين المخلوق والخالق، تعبر عنها مجموعة من السلوكيات التي تدل على الخضوع للخالق ذلّاً، ورغبة ورهبة، من أجل الفوز بالنعيم الأخروي الموعود، ومن جهة، يبعث الاطمئنان الدنيوي لدى الفرد من خلال ممارسته الطقوس الدينية، والحالة الروحية التصوفية. أما في الحالة الإسلامية التشريعية للأمور الدنيوية والمتمثلة في العلاقات بين الناس وإدارة الشأن العام لهم، فكانت تشريعات خاصة لتنظيم المجتمع القائم حينها، والتي قيست حسب معطياته الاقتصادية والبشرية والبيئية، أي هي تدخل في جانب الإدارة الاجتماع/ سياسية. وهي في المجمل تنبثق من مبادئ إنسانية متعارف عليها إنسانيا، مثل حفظ الحقوق والدماء والأموال، وما ماثلها، من قيم إنسانية لا اختلاف حولها، من حيث المبدأ بين البشر. وهي كتشريع، غير جامدة، وإنما قابلة للتغيير، حسب الزمان والمكان.
وعلى ذلك فيمكن العزل بين الديني كمعطى طقسي وروحي، خاص بالفرد وشبه ثابت، وبين التشريعات الخاصة بالمجتمع والمنبثقة من معطياته البيئية وظرفه التاريخي. وعليه فلا يمكن أخذ الخطاب الديني، كخطاب سياسي، يمكن إدارة الاقتصاد والسياسة والشأن العام للمجتمع من خلاله، في كل زمان أو مكان. فالدين يجب أن يبقى مقدسا، كخيار شخصي، أما الخطاب فقابل للنقد والطعن فيه، وتغييره حسب الظرف والمكان والزمان؛ أو حتى استبداله بما هو أنسب منه. ويتماشى حقاً مع معطيات الواقع والفترة الزمنية المعاشة.
هنا أرجع للورطة الوجودية التي يواجهها الإنسان العربي الآن؛ من حيث غياب الخطاب الدنيوي الحقيقي عنه؛ وحضور ما يسمى بالخطاب الديني وبشراسة لديه. والنتيجة الحتمية هي ما تعيشه أنت كعربي، من كابوس مرعب، لأكثر من خمس سنوات وأنت تشاهد حروبا، تطحن وتمزق هذا البلد أو ذاك من وطنك العربي، تبيد أهله وتدمر عمرانه، وتسمع بتنظيمات ظلامية إرهابية، هلامية وليست بهلامية، تعبث بالإنسان باسم دينك.
فأخذت تشك بما كنت تحمله من بقايا قيمك العربية والإسلامية، معتقدا بأنها غير جادة أو صامدة. حيث أخذت تتهاوى أمامك كهشيم تذروه الرياح، وتتناثر تحت أقدامك كمخلفات ماضوية نتنة، تخجل حتى من أن تنحني إليها لتلملمها وترفعها ثانية كما كنت ترفعها وتشرف بها، قبل ذلك.

التسميات: ,

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

المطالبة بمنهج الشك في العقيدة و التشكك من المسلّمات ولو في الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

 في كل يوم تضلل الأمة على أعلى منابرنا الصحفية .
فاللهم اهد كل من يعنيه وله يد وسلطة لمنع الضلال 
نشرت صحيفة الرياض يوم الأربعاء 15/1/1437 مقالا فيه من تضليل الأمة الشئ العظيم ، و ذلك بالمطالبة بالمنهج الفاسد المنحرف المسمى بمنهج الشك - حتى لو غُلّف أنه للوصول إلى اليقين - فهذا كذب وتضليل  ، وهنا التفاصيل :


·     نقل الكاتب كلاما قال في آخره : لو لم يكن في مجاري هذه الكلمات إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث لكفى به نفعا .
·     الشكوك هي الموصلة إلى الحق .
·     من لم يشك لم ينظر ولم يبصر وبقي في الضلال .
·     ثم يمتدح أحد فلاسفة الكفار بأن فلسفته قامت على مسح الطاولة من كل موروث .
·     ثم قال : إن الشك جزء من عملية الإيمان .
·     ثم قال : إن تعليم السعودية يصاغ باليقين لا سيما في المواد الدينية - أي أن هذا خطأ وأن الصحيح هو التشكك ! - .
·     ثم يكذب ويقول : إن الفقهاء - ويعني بهم الأئمة والعلماء - يتمتعون بقداسة لم يتمتع بها الصحابة .
·     ثم يتذمر من قول : إن الشيخ الفلاني قال في المسألة كذا ...
أي أن الكاتب يوحي بأن هذا تقديس ، و هو لا شك مؤداه الحط من شأن أئمة الدين . الذين لم يزعم أحد بعصمتهم .
·     ثم يمتدح الكفار بأنهم ( يعود الطالب من المدرسة شكاكا جدا ويستخف بأي تفسير أو إجابة تأتيه من خارج المختبرات العلمية ، ويعود من المدرسة رافضا لألف مسلّمة ومسلّمة ) وأن ( الجواب الأول والأساس والمعتمد لأي معلومة تأتيه هو لا ) .
• يزعم ان ابراهيم عليه السلام - و هو ابو الانبياء و امام الحنفاء - يزعم الكاتب انه يتبع منهج الشك في قوله رب ارني كيف تحيي الموتى! .
يتضح مدى هذا الضلال ، و خطورة هذه المناهج المنحرفة ، والمصيبة أنها تضخ للأمة من أعلى منابر بلاد التوحيد ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .  
ونسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للتصدي وكبح الضلال في العقيدة من أن ينشر
ونختم بالإشارة إلى ضلال هذا المنهج .. قال الله تعالى : (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) و في الآية الأخرى ( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ) وأيضا ( ويسلموا تسليما )







                 رابط المقال : http://www.alriyadh.com/1095027

نص المقال :
الشك أولى مراتب اليقين
يوسف بن عبد العزيز أبا الخيل

  يروى عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي قوله في كتابه (ميزان العمل): "ولو لم يكن في مجاري هذه الكلمات إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث، لتنتدب للطلب، فناهيك به نفعا،
 إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحق،
 فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال".
وينظر البعض إلى الغزالي على أنه مؤسس الشك المنهجي، قبل ظهوره حديثا على يد ديكارت، أبي الفلسفة الغربية الحديثة، الذي قامت فلسفته على مسح الطاولة من كل موروث، بجعله في مرمى الشك المنهجي، وصولا إلى تأسيس منهجي لليقين، ومن ثم فرز الصحيح من الأفكار والعقائد والنظريات عن الزائف منها.
ما يجب لفت النظر إليه هنا أن ديكارت لم يكن، على عكس ما ينظر إليه كثير من غير المتخصصين والمهتمين بالفلسفة، رائدَ، أو مؤسسَ الشك لذاته، بقدر ما كان رائد التخلص من الشك العقيم المتخم باللاأدرية، وصولا إلى اليقين، من خلال اتخاذ الشك منهجا للوصول إلى اليقين ذاته. ذلك أن الشك قبل ديكارت كان في كثير منه شكا عدميا لاأدريا مؤذيا موصلا إلى جحيم التردي والسقوط.
وحتى أبو حامد الغزالي الذي ينظر إليه على أنه سلف ديكارت في الشك المنهجي، لم يوصله شكه إلى يقين فلسفي أو منطقي مؤسس على برهان قاطع، كما فعل ديكارت، بل كل ما فعله، أعني الغزالي للتخلص من أدواء الشك، أنه ارتمى في أحضان التصوف كما هو معلوم من سيرته!
إن الشك، قبل أن يكون فلسفيا، فهو إيماني؛ ذلك أن الإيمان يجب أن يكون عن يقين بصحة ما يؤمن به الإنسان. يترتب على هذه الحقيقة أن الشك يصبح حينها جزءا من عملية الإيمان نفسها. انظر إلى نبي الله ابراهيم عليه السلام حين سأل ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، قال له ربه: أو لم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، فأراه الله تعالى كيف يحيي الموتى.
والشك، وإن لم يُبْنَ على منهج فلسفي منطقي كما فعل ديكارت، فإنه كان ولا يزال سمة الأنظمة التعليمية المتقدمة، تلك الأنظمة التي تربي الطالب على عدم تلقي المعلومة إلا بعد فحصها وتمحيصها، ومن ثم اجتيازها لامتحان مبادئ العقل الكوني والمنطق وقوانين الطبيعة. يقول فيلسوف التنوير المعروف جون لوك: "ينبغي تربية الطفل على مواجهة الحقائق، والتفكير السليم، وعدم الاقتناع بالمعلومة حتى يحصل على تفسيرات صحيحة للأشياء التي يكون بإمكانه فهمها".
ولقد يعز على الرائد الذي لا يكذب أهله أن يشكو من أن تعليمنا في المملكة يشكو من وضعية يصاغ ذهن الطالب فيها على التشبع باليقين الفارغ الساذج. إننا نجد الطالب يتربى في أجواء تعليمنا، باختلاف درجاته، على اليقين المطلق في كل معلومة يتلقاها من أستاذه، أو من شيخه، وخاصة في المواد والتعاليم الدينية. الفقهاء، يستوي في ذلك السلف والخلف، يتمتعون بقداسة في الذهنية العامة لدينا لم يتمتع بها حتى الصحابة أنفسهم في زمنهم، سواء في نظر بعضهم لبعض، أم في نظرة التابعين وتابعيهم لهم.
ما أن تشكك في معلومة، أو تطلب معيارا أو برهانا على مقولة، أو سند حديث، أو تذكر قانونا طبيعيا معاشا، أو قانونا علميا مثبتا ينقض خبرا أو معجزة أو كرامة مثبتة في كتب سلفية أو حديثة، حتى يفاجئك من حصل على أعلى الشهادات الأكاديمية بالاعتراض بأن الشيخ، أو الواعظ الفلاني قال كذا وكذا، وعندها يصمت الجميع، ويذعنون للأمر، راضين أو مكرهين!
يقارن الكاتب والبروفيسور اليمني: (حبيب عبدالرب سروري) بين البيئة التعليمية الغربية، ومثيلتها العربية بقوله: "يعود الطالب في الغرب من المدرسة وقد تعلم كيف يكون فضولياً جدا، شكاكاً جدا، وكيف يستخف بأي تفسير أو إجابة تأتيه من خارج المختبرات العلمية، يعود من المدرسة بعد أن تعلم كيف يرفض ألف مسلّمة ومسلمة، وكيف تكون (لا) هي الجواب الأول والأساس والمعتمد لأي معلومة تأتيه في حين يعود الطالب العربي بعد أن ازدادت حصيلته من التفسيرات اللاعلمية، الخرافية السحرية عن الكون والحياة والإنسان والماضي والمستقبل".
قلت في مقال سابق: إن غياب عقلية التفكير العلمي، تلك العقلية الناقدة المتسائلة، تلك العقلية التي تطالب بالبرهان العلمي قبل قبول أي خبر أو صورة أو معلومة، هو السبب في تردينا في مهاوي التخلف التنموي والعلمي السحيق. وإن المسؤول عن غياب هذه العقلية هو التعليم بالدرجة الأولى، إن لم يكن هو المسؤول الوحيد؛ إذ تعليمنا اليوم، في أحسن أحواله، ربما باستثناء بعض المجالات التطبيقية، لا يُخَرِّجُ سوى كَتبة وموظفين حكوميين فحسب، ذلك لأنه ليس مؤهلا لتخريج طلبة مهنيين مزودين بمهارات القدرة على الوفاء بأدنى متطلبات شروط سوق العمل في القطاع الخاص، ومن ثم تصبح الوظيفة الحكومية، التي لا تتطلب في الغالب سوى تأهيل متدن، هي الملاذ!
ولله الأمر من قبل ومن بعد.

التسميات: ,

السبت، 24 أكتوبر 2015

التعريض بالصحابة الكرام عبد الله بن الزبير و أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم

بسم الله الرحمن الرحيم

نشرت صحيفة الجزيرة يوم الجمعة 9 محرم 1437 مقالا بقلم رقية الهويريني فيه إساءة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقبل أن أقول التفاصيل ، أحلف بالله أن صحافتنا تجعل للروافض ومرجعياتهم خطوطا حمراء لا يمكن أن تتجاوزها في النيل منهم ولو بحق
أما أهل السنة وصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم فهاهم ينالون منهم
تقول الصحيفة عن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما :
           إنه منشق
وتقول : إن قاتل قتال فتنة
وتقول : إنه من أجل التكالب على الدنيا
وتقول : إنه طلباً للسيادة والخلافة
وتقول : إنه كفّر يزيد بن معاوية
وتقول الصحيفة أيضا عن الصحابية الجليلة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما : إنها محرضة ، وأن فعلها وذكر المؤرخين لها يشجع على الخروج
وتقول : المفروض أن نذكر قولها ونبين كراهيتنا لقولها .
علماً أن عنوان المقال : التحريض والتكفير في صدر الإسلام
وهو لمز لأسماء رضي الله عنها أنها محرضة على باطل ، ولعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه مكفّر
 أقول : معلوم أن من عقيدة أهل السنة ترك ما شجر بين الصحابة ، والترضي عنهم ، فما بال صحيفة الجزيرة ترفض ذلك .  
الله المستعان  



نص المقال :
التحريض والتكفير في صدر الإسلام!!
وقف عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - معارضاً يزيد بن معاوية حين وَرِثَ الحكم عن أبيه، ومكفِّراً له ورافضاً ولايته على المسلمين، ورغم محاولات يزيد احتواء عبد الله بن الزبير بجهوده السلمية إلا أنه أبى، فسلك الجهود الحربية ضده حتى توفي يزيد وتنازل ابنه معاوية عن الخلافة وتولاها مروان بن الحكم، واستفحل أمر عبد الله بن الزبير وامتد سلطانه حتى ضم الحجاز واليمن والعراق وخراسان. وحين مات مروان؛ تسلَّم الخلافة ابنُه عبدُ الملك وأجابه أهل الشام؛ فعقد للحجاج بن يوسف الثقفي اللواء ليقاتل ابن الزبير ويقضي على انشقاقه.
ويزخر التاريخ الإسلامي بالروايات المتضاربة حول حصار الحجاج لابن الزبير في الحرم المكي والذي تجاوز سبعة أشهر يرميه بالمنجنيق. حتى مات كثير من المسلمين وتفرَّق الباقي عنه، فدخل على أمه أسماء بنت أبي بكر يشكو لها خذلان الصحابة فضلاً عن أهله وأولاده، واستشارها في أمره وكأنه ينوي الاستسلام! ولكنها بثت في نفسه الحماس ودفعته لمقاتلة الحجاج! وحينما أبدى عبد الله مخاوفه من التمثيل بجثته وصلبه؛ نطقت أسماء حكمتها المشهورة التي أحسب أن جميع أبناء المسلمين يحفظونها ويرددونها «لا يضرُّ الشاة سلخها بعد ذبحها، فامضِ على بصيرتك واستعن بالله».
والحق أن أسماء - رضي الله عنها- لم تبقِ لابنها خياراً ودفعته لمواجهة الموت والتمثيل والصلب رغم عدم توازن القوى، فضلاً أن قتاله كان فتنةً، وتكالباً على الدنيا وطلباً للخلافة والسيادة!
إن تشجيع المؤرّخين وكتّاب التاريخ الإسلامي على فعل عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه- وتلميع صورته وأحقيته بالخلافة والإشادة بموقف والدته التحريضي، وأنه ضحية تعنّت الأمويين وبطشهم؛ يبعث برسالة فحواها التسامح بالخروج على الحاكم والثورة ضده! والمؤسف أن حوار أسماء بنت أبي بكر التاريخي وتحريضها لابنها على القتال لا يزال يتردد على ألسنة بعض الوعاظ والدعاة! وكان يحسن بهم الإشارة لذلك بالكراهة والنفور، حيث مات كثير من الصحابة والتابعين في صدر الإسلام، وتم التمثيل بصحابي وصلبه، وجرت ويلات متتالية ولم تهدأ القلاقل والفتن حتى عصرنا الحاضر، وقد كان المسلمون في غنى عنها لو التفتوا لإصلاح أنفسهم بدلاً من الاقتتال والتناحر فيما بينهم!




التسميات: ,

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

تشبيه أئمة الدين بالكفار ، ورمي مذاهب أهل الحق ، وبالمقابل تسويق لباطل الفلسفة

تستمر جريدة الرياض وهي أعلى منبر صحفي في بلد التوحيد ، في محاربة أئمة الدين والتهوين من شأنهم و الرفع من شأن الفلاسفة
في عدد يوم الخميس 9 محرم 1437 نشرت مقالا بتوقيع ابراهيم المطرودي استمرارا لمقاله الماضي
مما جاء في المقال :
يقول : أنتقد الأمة – أي الأمة الإسلامية – لأنها تجعل الرموز –يقصد أئمة الدين – يبتزون الأفراد ليكونوا عبيدا .
ثم قال : إن هؤلاء الرموز – يقصد أئمة الدين – مثل الكفرة الذي هم الملأ المذكور في القرآن
ثم قال : إن جميع الفرق الثلاث والسبعين – ولم يستثن منها واحدة – تحْرم الناس من التفكير ، وأنها أشد من كفار قريش !
ثم قال : إن المذهبيات – أي مذاهب أئمة الدين – هي ككفار قريش . وكالملأ المذكورين في القرآن !
ثم انتقد الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة وقال إنه إجهاض للعقل
ثم ينتقد المذاهب لأنها تحذر من الفلاسفة
ثم يطالب بقراءة ما خلفه الفلاسفة وترك ما أسماه الوصاية على الناس !
نص المقال :

خطاب الغزالي والتحولات الثقافية / ابراهيم المطرودي
لم يكن ما قام به الغزالي من محاربة الفلاسفة، وإجهاض مشروع العقل في تأريخ المسلمين سوى نتيجة متوقعة للعصر الذي عاش فيه، وهو القرن الخامس وبداية السادس (ت 505 ه)، وما بعده من القرون؛ إذ اتجه المسلمون إلى التقليد، ومذهبة الآراء في العقيدة والفقه وغيرهما،
ابتدأت الترجمة لعلوم اليونان في زمن متقدم، القرن الثاني تقريباً، واستمرّ المسلمون يقرؤون تراث اليونان، وتراث فلاسفتها، ولم يخطر في بال أحد من المتكلمين، أو من غيرهم من علماء الإسلام في تلك الحقبة، أن يُؤلف كتابا يُكَفّر به الفلاسفة، هكذا جملة، وينسب فيه إليهم التهافت؛ كما فعل أبو حامد الغزالي الذي جاء في منتصف القرن الخامس، فهل أخطأ أولئك، وأصاب أبو حامد أو ذاك شيء من صنيع التحولات والظروف التي تُحيط بالإنسان، وتُجبره لأن يعيش وفقها، ويُفكّر في ضوئها؟
الأفراد في تأريخ الثقافة قديما، وتأريخ الأمم، يشبهون إلى حد كبير المفردات داخل النص اللغوي؛ مهما حاول هؤلاء أن يجنحوا عن سياق النص، ويستقلوا عنه، فمصيرهم الطرد، والتغريد بعيدا عن السرب، وهذا الطرد يكون بطريقتين؛ الأولى أن تقام المحاكمات لهم، وتُحرق كتبهم، وتحارب أقوالهم، والثانية أن يُهمل الأفراد، ويُصرف الناس عن كتبهم، ويُحرّم عليهم الاطلاع على أقوالهم، وهذه وتلك لم تكن للغزالي في خطابه عن الفلاسفة، فالعصر تقبله، وفرح به، وشكر عليه، وربما كان له دور كبير في التغاضي عن عيوبه، والصدود عن أخطائه، وهذا الموقف العصري، في عصر كانت الأمة تسير فيه إلى إحكام أبواب التقليد على نفسها، وتُجهز لعقلها أكفان الغياب، يطرح علينا سؤالا مهما هو:
أكان القبول بخطاب الرجل تجاه الفلاسفة لما فيه من صواب وحقيقة أم لأنه كان يتحدث بلسان العصر، وينتمي إليه؟
أكان خطاب الغزالي حول الفلاسفة يُواجه الجماهير بشيء يكرهونه، ويسري في دمائهم البعد عنه، أم كان يُعيد لحنا محبوبا، ويُغذي توجها بدأت سيادته منذ مدة، واستحكم تفرده في تأريخ المسلمين وعقولهم؟
لقد كان العصر يتوقع ذلكم الموقف، وينتظره، ويتلهّف لمن يختم بخاتم المذهبيات على عقول المسلمين، ويُنهي رحلة البحث، وحيرة السؤال، التي كان الغزالي قام بها، وتنكّر لها بعد ذلك، وسعى لحرمان الناس منها، والوصاية عليهم في أمرها، ولستُ ألوم الغزالي وحده على سريان خطابه ذاك، وتسرّبه إلى العقول، وأذر المسلمين الذين رهنوا مستقبلهم، ومستقبل عقولهم، بما قاله؛ فعليهم تقع المسؤولية، ويُناط بهم أمرها، وإذا كان الله تعالى يلوم في كتابه الفرد على غياب عقله، وخفاء فطنته، ويجعله مسؤولا عن نفسه، ولا يقبل منه أن يحتج بإضلال فلان له أو فلان، فلي الحق أن ألوم جمهورا، وأنتقد أمة؛ فالأمة التي لا تدافع عن حق أفرادها في التفكير، وتبخل بحقهم فيه، وترى أنّ من خسران المرء أن يُنصت لعقله، ويستجيب لملكة التفكير فيه؛ لا شكّ أنها أمة، مهما حاولت الدفاع عن نفسها، وتباهت بماضيها، تُعدّ هؤلاء الأفراد لابتزاز الرموز، وتريد لهم أن يكونوا عبيدا بين يديها، وتُصيّر الأمة من جمهور عريض، يُصحح بعضه لبعض، ويقف بعضه في طريق بعض، إلى مجموعة من الرموز تقود الأمة، وتأخذ هذا الجمهور، حيث أرادت، وأتاحت لها فِطنها، وتصبح هذه الرموز شبيهة بالملأ الذي حدّثنا القرآن الكريم عنه في مواضع كثيرة منه، وحذرنا من الانسياق الأعمى وراءه، وأرشدنا إلى بوابة الخروج من خطورة هيمنته، ووهبنا، لو تأملنا، مفتاح النجاة منه، فجعل كل إنسان مُوثقا بعمله، ومن عمله تفكيره، (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه، ونُخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا!. من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى).
ولعلكم تسمحون لي بالقول: إن الملأ كان زمن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قريشا ورجالها الذين ناهضوا الدعوة، وآذوا صاحبها، واجتمعوا على التضييق عليه، وطرده أخيرا من مكة، وأصبح الملأ بعد ذلك في تأريخ الإسلام ثلاثا وسبعين فرقة، كلها تجتمع على شيء واحد، وتتفق عليه، وهو حرمان أفرادها من التفكير، وتحذيرهم من الخروج عمّا هي عليه، واتخذت في تأدية رسالة الملأ، على أحسن وجه، طرقا لم تكن تخطر لقريش ورجالها في تلك الأزمان، وأظن كل مسلم لو قام برحلة في المذهبيات، كرحلة الأستاذ الغزالي، لأدرك أنّها صورة أخرى من صور الملأ الذي حدّثنا عنه القرآن الكريم، ودعانا إلى تجنب الانخداع له، وحثنا على الحذر من الاستئسار له.
يُخيّل إليّ حين ترد بين عيني كلمة الملأ في كتاب الله تعالى أنّ تأريخنا الإسلامي، معظمه وأكثره، كان محكوما بهذا المفهوم، وممسكا بهذه الثقافة، وأننا لم نستطع أن نتخلّص تماما من تلك الآفة التي بسط الله تعالى لنا التحذير منها في كتابه، ولم نتخذ التدابير اللازمة في منع عودتها، وتنامي دورها من جديد، وكانت المسؤولية الأولى في تفادي رجوعها، وعودتها إلى أمتنا، مُعلّقة آمالنا فيها على رجال الدين، وأولئك الرموز الذين كان لهم دور تأريخي كبير، ومنهم أبو حامد الغزالي، رحمه الله رحمة واسعة، غير أن الرجل أتى في أمر الفلاسفة بما لم أتوقعه منه، ولم أنتظر أن يقوله، وأحسبه كان ينطق بلسان الملأ الذي حُذرت منه، وطُلب إليّ أن أتبيّن في كل أمر يقوله؛ فأنا في النهاية المسؤول، وليس هو، وهذا شيء سيكشف عنه، إن شاء الله، مقال "الغزالي وتهافته" القادم.
لولا كبار الناس الذين يسيرون مع التيارات المخالفة للحق والصواب، والمجهضة للتفكير وعمل العقل، والموقفة للبحث بهما عنه، ما كان لهذه التيارات من قوة وعنفوان وتأثير كبير، وتلك كانت قصة الغزالي في رأيي فهو مؤسس من المؤسسين، غير أنّه في خطابه عن الفلاسفة أسس للوعي الجماهيري الذي كان يُحذّر منه، ويُنبّه الناس من الاغترار به؛ إذ تولى بكتابه الترسيخ لذلكم الخطاب المذهبي الذي يرهن قيمة الإنسان، ويجعل معيار الانتفاع منه، والاستفادة من جهوده، موكولا إلى خلوصه من الأخطاء، ونجاته منها.
إن الخطأ لا يمكن أن يذيع، والصواب لا يُظن به أن ينتشر، إلا على يدي أناس لهم تأثير كبير، وعمل جبار في تشكيل الذهنية، وقيادة الناس، ولو كان الخطأ، وأهم أنواعه إقصاء العقل وتغييبه، لا يجد من ينصره، ويتولى الدفاع عنه، والوقوف معه؛ لما كان له أن ينتشر، ويفشو، وينزرع في الذهن الجمعي، ولظلت الأمم تحارب الخدّاعين، وتجد من يعينها على ذلك، بيد أن التأريخ جرى على خلاف هذا الأمل، وتقلبت أيامه بخلاف هذه الأحلام، وهذا ما يجعل الناس، في كل عصر ومصر، مضطرين في مكافحة الأخطاء إلى مواجهة الرموز، ونقد آثارهم، وكشفها للناس، ولعلّ من هذا ما أكتبه الآن وبعد الآن عن أبي حامد الغزالي وتهافته.
لم يكن ما قام به الغزالي من محاربة الفلاسفة، وإجهاض مشروع العقل في تأريخ المسلمين سوى نتيجة متوقعة للعصر الذي عاش فيه، وهو القرن الخامس وبداية السادس (ت 505 ه)، وما بعده من القرون؛ إذ اتجه المسلمون إلى التقليد، ومذهبة الآراء في العقيدة والفقه وغيرهما، وصارت كل طائفة لا تقرأ لغير أهلها، ولا تنتفع بما عند غيرها، فلم يكن مستغرباً من حيث النظر إلى عصر الغزالي أن يخرج عالم من علماء المسلمين يحذر من الفلاسفة، ويُذكّر بآرائهم الدينية، ويجعلها حجته في إدانتهم، والتخويف من الاطلاع على تراثهم، فتلك كانت بضاعة المذهبية الرائجة في ذلكم العصر، بل المستغرب أن يخرج أحد ويعطي العقل حقه، ويدعو إلى قراءة ما خلفه الفلاسفة، ويذر الخوف على الناس، والوصاية عليهم، جانباً.
رابط المقال http://www.alriyadh.com/1093352


التسميات: ,

الدعوة للفلسفة و ادعاء أن الدين جاء ليخالف السائد ، وكلام باطل كثير

نشرت صحيفة الرياض يوم الخميس 2 محرم 1437 مقالا بقلم ابراهيم المطرودي والذي يقال إنه دكتور في جامعة الإمام .
أقول : طالما حذر أئمة الإسلام من الفلسفة والمنطق غير الحق .
والكاتب هنا يسوّق لها
فيقول : إن للفلاسفة حق فهم نصوص الكتاب والسنة – أي على أهوائهم –
ويقول : فعلى من يُحبّ للخير أن  يُحاكم الآراء والأقوال ويبتعد كل البُعد عن عالم الأشخاص؛ فلا يُكفّر أحدا، من الفلاسفة وغيرهم .
ويقول :   علينا أن نبتعد عن تكفير الأعيان والأشخاص والجماعات، ونكل الأمر في هذا كله إلى الله تعالى .
ويقول : وليس في تكفير الناس، وإصدار صكوك النار لهم؛ فهؤلاء وأولئك كان مرادهم الصواب، وهدفهم الحق
ويتضح في كلامه أمران : لمز أئمة المسلمين وادعاء أنهم يصدرون ما يسميه ( صكوك النار ) ، الثاني ادعائه أن مراد الفلاسفة واهل الفرق المخالفة هو الصواب ولهذا فلا يكفّرون
ويقول : وليس يحق لأحد أن يُفصّل ثوبا خاصا لمن ينظر في النص، ويتأمّل معانيه
ومضمون كلامه أن أي أحد له تفسير النصوص ! هكذا أي أحد مطلقا ! وهذا من أبطل الباطل
و يقول ما الذي يُحرّم على الفلاسفة حق النظر، ويمنعهم من التعامل مع النص
وهذا فيه استماتة في الدفاع عن الفلاسفة وإعطائهم الحق في قول الحق والباطل باعتبار أنهم أصحاب حق وأن غيرهم من الأئمة ليسوا بأحق منهم بالقول في الدين !!
ويقول : الاختلاف الديني الذي تُحدثنا عنه كتب النحَل والمذاهب هو ثمرة لعدم تكليف الله كل نفس إلا وسعها، وهو بناء على هذا ثمرة الاجتهاد
وإطلاق الكلام هكذا لكل نحلة بأنها مجرد مجتهدة ومن ثم فلا تثريب عليها ، هذا من أبطل الباطل
ويقول : أنا مثلا أجتهد؛ لأنني لم أُكَلّف ما لا تستطيعه نفسي، وأنا لم يُكلف عقلي بما لا يطيق من المعاني؛ لأنني مدعوّ للاجتهاد، ومأمور به
وهذا أيضا من الباطل ، إطلاق الاجتهاد في الفقهيات والعقائد
دون ضوابط بحجة أنه لا يكلف الإنسان إلا ما يطيق ، ما دخل رفع التكليف بما لا يطيق بإطلاق الاجتهاد والمنافحة عن الفرق والنحل والفلاسفة
ويقول : لم يجعل الله تعالى عدم تكليف ما لا يُطاق خاصا بعالم دون غيره، ولا بمذهب دون سواه ، وإنما هي منحة إلهية عامة،   ولست أرى دعوة إلى التفكير، والاستقلال، والشجاعة في الخروج من المألوف، أقوى من هذه الآية، وأعظم في الدلالة عليها
وهذا فيه من الضلال الكبير ، ذلك أنه ينتصر لكل فرقة محقة أو ضالة بأن هذا ما دل عليها فكرها ، وأن هذا ما كلفت به
ويقول : فعندنا في الإسلام  "عدم تكفير المعين"،    و له صلة وثيقة بالتشجيع على الاجتهاد، والحث عليه، وما دام الدين يدعونا إلى هذا، ويأمرنا به، فمن البدهي أن يُجرّم تكفير المعين، ويُحذّر منه؛ لأن ذلك هو الوسيلة الوحيدة في الحفاظ على وجود الاجتهاد، وعدم تكفير المعين لا قيمة له إلا في ظل واقع مائج بالاجتهاد والاختلاف مع السائد، وهذا معناه أن الدين يُؤسس بوضوح لمناكفة السائد، ومخالفته، والسعي في إصلاحه
وهذا ضلال مبين ، فالدين لا يؤسس لمناكفة السائد ومخالفته ، بل هذا كذب على الله ودينه ، بل الدين جاء لإحقاق الحق وإبطال الباطل . وتكفير المعين ليس ممنوعا كما يقول الكاتب ، بل متى ما ثبت كفره حكم بذلك ، وليس لأي أحد من الناس بل للحاكم الشرعي
ويقول : إن تكفير الفلاسفة، كما فعل الغزالي للأسف، ودعوة الناس إلى هجرانهم، وهجران ما أورثوه لنا، لم يكن شيئا تدعو إليه هذه المبادئ العظيمة، وتحثّ المسلمين عليه، وإنما هو شيء زلّت به قدم رجل الدين
وهذا فيه دفاع عن الفلسفة والفلاسفة وأن لا ثمة تكفير لأي أحد منهم

رابط المقال : 
http://www.alriyadh.com/1091122



التسميات: ,