بسم الله الرحمن الرحيم
نشرت صحيفة الجزيرة يوم الخميس 3 محرم 1440 مقالا فاض بلمز الإسلام والمسلمين وتبرئة الكفار كما يلي :
أولا : يقول الكاتب : انفرد بعض المسلمين عن النصارى والأديان الأخرى، في الاستمرار بتبني طريقة العهد القديم في تبني فكر أخلاق الحرب المقدسة ؟
وهذا فيه لمز للجهاد وهو الذي يسميه ( الحرب المقدسة ) وينتقد الإذعان للقرآن الكريم وهو الذي يلمزه الكاتب ويصفه بـ(العهد القديم ) فينتقد الكاتب المسلمين لكونهم لا زالوا يتمسكون بالقرآن في شأن ما يسميها الحرب المقدسة .
ثانيا : يصف المسلمين بأنهم غير منصفين مع الأمم الأخرى ، وأنهم لا يرتاحون نفسيا إلا بظلم غيرهم ، فيقول : لن يقبل المسلمون بأي مفهوم من شأنه أن ينصف غير المسلمين فيخسروا بذلك ما يريحهم نفسيا
ثالثا : يذكر على سبيل النقد والرد وعدم القبول كراهية الكفار فيقول : فكون الدين أن يصبح هو مبعث كراهية بعض المسلمين لغيرهم -في هذا العصر- .
رابعا : يصف المسلمين من بين شعوب الأرض بأنهم الأخطر في انبعاث التطرف فيقول : خطر خروج التطرف اليوم أقوى في المسلمين من غيرهم
خامسا : يحصر الكاتب التطرف بأنه عند المسلمين وأما غيرهم فلا تطرف عندهم إلا بمقدار ما يتطرف المسلمون تجاههم فيقول : يظهر التطرف بقوة كعامل مؤثر، غالبا في حالتين: الأولى، عندما تكون بنية مجتمعه الفكرية مساعدة ومحفزة لظهور التطرف، كالمجتمع الإسلامي. والحال الثانية، أن يظهر كرد فعل مماثل ومعاكس لتطرف ديني عدائي، كظهور تطرف في مجتمعات الأديان الأخرى كرد مواجهة للتطرف الإسلامي.
وفي موضع آخر في المقال قرر أن الظلم والدموية الحاصلة من الكفار سببها هم المسلمون كما حدث في سبتمبر .وهذا فيه تبرئه وتحسين وتزكية لأخلاق الكفار بمقابل اعتبار المسلمين مبعث المصائب !!!
سادسا : يقول الكاتب : يعتقد كثير من المسلمين بأن الإسلام بديل للحضارة الحديثة
وهذا فيه لمز للإسلام ؛ فالإسلام أعظم من أي حضارة . وهو إذا طبق حقا فستفوق حضارته ما سواها .
سابعا : يلمز الكاتب افتخار المسلمين بأمجاد تاريخهم ويعد ذلك سببا في التطرف .
يقول الكاتب : (الإسلام هو ما بقي عند المسلمين من عز وشرف أمام مواجهتهم لغيرهم من الأمم)
وهذه الجملة من الكاتب ليس على سبيل التقرير بل على سبيل الانتقاد ، فمجمل المقال هو أنكم يا مسلمون متخلفون وليس عندكم إلا الإسلام .
ثامنا : قال الكاتب : . فلما لم يجد المسلمون ما يفاخرون به الأمم، قاموا ففاخروا الأمم الأخرى بالإسلام .
وهذا أيضا على سبيل التهوين والتحقير للإسلام فهو يقول : ليس عندكم شئ ، ليس عندكم إلا الإسلام فكيف تفاخرون به .
تاسعا : يقول الكاتب إذا توقف هؤلاء البعض من المسلمين المتطرفين عن بعث الكراهية الدينية، فلن يكون هناك سببا لبعثها من الأطراف الأخرى
وهذا لا شك فيه رد ورفض لشئ جاء في الشرع وهو كراهية الكفر ، وفيه أيضا تبرئة الكفار وأنهم لا يكرهون أحدا إلا مقابلة ومجازاة .
كما أن الكاتب ذكر أن كتابته هذه قد قدمها في مؤتمر في أحد بلاد الكفار ، فهو بذلك يؤلب أمم الأرض على المسلمين ويدينهم وبالضرورة يجعلهم شاهدين على أنفسهم بأنهم الأشد شرا في هذا العالم وبالتالي فلا بد من الترصد لهم والتربص بهم
من ورقتي لمؤتمر التفاهم العالمي في فيينا / حمزة السالم /صحيفة الجزيرة
من الحقائق المُلاحظة أن التطرف ظاهرة إنسانية طبيعية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات صغر أو كبر. بل إن التطرف هو أحد أقسام التوزيع الطبيعي للفكر الاجتماعي، normal distripution في كل شي. فالتطرف موجود في جميع الأديان والثقافات والشعوب، ولكنه قد يختفي أحيانا عن التأثير العام.
ويظهر التطرف بقوة كعامل مؤثر، غالبا في حالتين: الأولى، عندما تكون بنية مجتمعه الفكرية مساعدة ومحفزة لظهور التطرف، كالمجتمع الإسلامي. والحال الثانية، أن يظهر كرد فعل مماثل ومعاكس لتطرف ديني عدائي، كظهور تطرف في مجتمعات الأديان الأخرى كرد مواجهة للتطرف الإسلامي.
فاعتقاد كثير من المسلمين بأن الإسلام بديل للحضارة الحديثة، مع حلمهم بالخلافة الإسلامية، مع مفاخر الجهاد التي يتزود منها المسلمون في تغذية أمجادهم ومفاخر تاريخهم، جعلت من دعوى الإسلام مطية سهلة اليوم لكل انتهازي ومتطرف. ولذا فإنه عادة ما يتلقى المسلمون غالبا، كل حركة إسلامية او حزب سياسي إسلامي جديد، بالترحيب والتشجيع.
ومن أجل هذا فخطر خروج التطرف اليوم أقوى في المسلمين من غيرهم، لكون كثير من المسلمين يعيشون هذا الحلم الثلاثي في حياتهم اليوم دون غيرهم من الشعوب.
والمسلمون في هذا ليس ببدع من الأمم. فكون الدين أن يصبح هو مبعث كراهية بعض المسلمين لغيرهم -في هذا العصر-، أو أن يُجعل هو المطية التي يركبونها لتحقيق أهدافهم ومصالحهم السياسية العامة أو الخاصة، لا يعني عدم وجود الشيء مثله في الأديان الأخرى، كما حدث في بلاد البلقان.
ولكن الغالب اليوم، هو أننا نجد أن هذه الكراهية الظالمة أو الدموية تنبعث عندما تُستخرج كردة فعل مضادة لكراهية دينية مقابلة. وهذا شواهده كثيرة في النزاعات العرقية في البلاد والتي تُلبس بلباس الدين، وكذلك في بعض ردات الفعل في أمريكا وأوربا بعد حادث الحادي عشر من سبتمبر. لذا، فإذا توقف هؤلاء البعض من المسلمين المتطرفين عن بعث الكراهية الدينية، فلن يكون هناك سببا لبعثها من الأطراف الأخرى.
وقد نتساءل: لماذا انفرد بعض المسلمين عن النصارى والأديان الأخرى، في الاستمرار بتبني طريقة العهد القديم في تبني فكر أخلاق الحرب المقدسة ؟
السبب كما أعتقده، أن المسلمين، وقد كانوا من أعظم الأمم، مازالوا في حالة إنكار وعدم تقبل لواقعهم المتخلف اليوم علميا واقتصاديا. فلما لم يجدوا ما يفاخرون به الأمم، قاموا ففاخروا الأمم الأخرى بالإسلام، لكونه هو ما بقي عند المسلمين من عز وشرف أمام مواجهتهم لغيرهم من الأمم. ومن أجل هذا فلن يقبل المسلمون بأي مفهوم من شأنه أن ينصف غير المسلمين فيخسروا بذلك ما يريحهم نفسيا، ويسليهم بأنه يميزهم عن الدول المتأخرة، ويرفعهم إلى مستوى العالم المتقدم.